رُوي عن أبي سعيد الخدري؛ أن رجلاً من أسلم يقال له: ماعز بن مالك، أتى رسول الله - صلى الله عليه ولم - فقال: إني أصبت فاحشة، فأقمه عليَّ، فرده النبي - صلى الله عليه وسلم - مراراً، قال: ثم سأل قومه؟ فقالوا: لا نعلم به بأساً، فأمرنا أن نرجمه فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد، فما أوثقناه ولا حفرنا له، قال: فرميناه بالعظام والمدر والخزف، قال: فاشتد واشتددنا خلفه حتى أتى عُرض الحرة فانتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكت".
إقامة الحد على الأحرار، تكون إلى الإمام، أو إلى من يفوض غليه الإمام، وإذا أمر بإقامته-: لا يشترط حضوره، سواءٌ ثبت الزنا عليه بالإقرار أو بالبينة، ولا يشترط حضور الشهود.
وعند أبي حنيفة: يشترط حضور الإمام، ويبدأ هو بالرجم وإن ثبت بالبينة، فيشترط حضور الشهود - أيضاً - ويبدءون بالرجم، ثم الإمام ثم الناس.
دليلنا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر برجم ماعزٍ والغامدية، ولم يحضر رجمهما".
ويستحب أن تكون إقامة الحد بمحضر جماعة؛ لقوله تعالى:{وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ}[النور: ٢] وأقلهم أربعة؛ لأن حد الزنا لا يثبت بأقل من أربعة.
وليس لأحجار الرجم تقديرٌ، لا عدداً ولا وزناً، بل يحيط به المسلمون، فيرمونه من الجوانب إلى أن يموت.
ويحفر للمرأة إلى صدرها، حتى لا تنكشف، ويُرمى إليها، ولا يحفر للرجل؛ لحديث أبي سعيد في أمر ماعز، قال:"فما أوثقناه، ولا حفرنا له"، ولأنه هرب، ولو كان في حفرة-: لم يمكنه الهرب.
وإذا هرب المرجوم-: لا يسقط عنه الحد، وهل يتبع؟ نظر: إن ثبت عليه الزنا بالبينة-: يتبع، ويرجم؛ لأنه لا سبيل إلى تركه.
وإن ثبت بالإقرار-: لايتبع؛ لأن ماعزاً لما مسته الحجارة، هرب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"هلا تركتموه" وإنما قال ذلك؛ لعله يرجع عن إقراره.
فإن وقف في هربه، أو قدر عليه بعده، وهو مقيمٌ على إقراره-: يُرجم، وإن رجع فلا يرجم.