للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن أبي ليلى وأبو يوسف: لا تثبت؛ حتى يقر مرتين.

فنقول: [ما يثبت] بالإقرار - لا يشترط فيه التكرار؛ كسائر الحقوق.

ولو أقر بالسرقة، ثم رجع - يسقط عنه القطع، ولو أقر رجلان بسرقة [نصف] دينار، ثم رجع أحدهما - سقط القطع عن الراجع، ولا يسقط عن الآخر.

ولو أقر أنه سرق من مال فلان الغائب ربع دينار من حرز لا شبه لي فيه - فهل يقطع قبل حضور الغائب؟ فيه وجهان:

أحدهما: قاله أبو إسحاق-: يقطع؛ كما لو أقر أنه زنى بجارية [فلان، وفلان غائب] يقام عليه الحد.

والثاني: وهو المذهب-: لا تقطع حتى يحضر فلان الغائب؛ لأنه ربما أباح له الأخذ، بخلاف حد الزنا؛ فإنه لا يسقط بالإباحة.

وقال ابن سريج: لا يقام حد الزنا ولا قطع السرقة حتى يحضر المالك الغائب؛ لأنه كما يجوز أن يكون أباح له أخذ المال - يجوز أن يكون وقف عليه الجارية؛ فيصير شبهة في سقوط العقوبة.

فإن قلنا لا تقطع حتى يحضر الغائب - فهل يحبس المقر أم لا؟ فيه وجهان:

أحدهما: يحبس؛ لان الحد قد وجب عليه بإقراره؛ كما لو أقر على نفسه بالقصاص لغائب أو صبي - يحبس حتى يحضر الغائب، ويبلغ الصبي.

والثاني: إن كانت المسافة قريبة - حبس على قدوم الغائب، وإن كانت بعيدة - لم يحبس لأن في حبسه إطالة الضرر عليه، والحق لله تعالى ومبناه على المساهلة.

ومن أصحابنا من قال: إن كان المسروق قائماً- أخذ منه، ولم يحبس؛ لأنه ليس عليه إلا عقوبة لله تعالى، ومبناها على المُسامحة، وإن كان المسروق تالفاً - يحبس؛ ليغرم.

فأما إذا قامت بينة على السرقة - فلا يحكم بها، حتى يشيروا إلى السارق وإلى المسروق منه؛ إن كان حاضراً، وإن كان غائباً: نرفع في نسبه بحيث يزول الإشكال، ويبينوا

<<  <  ج: ص:  >  >>