والثاني: لا يجب الدفع، وله أن يستسلم؛ لما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الفتن:"كن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل" وقال عثمان - (رضي الله عنه) - لعبيده يوم الدار:"من ألقى سلاحه -فهو حر"، ولم يشتغل بالدفع.
وكان شيخي - رحمه الله -يقول: إن أمكنه دفعه من غير أن يقتله - يجب دفعه، ولا يجوز أن يستسلم للقتل.
وإن أمكنه الهرب بأن كان فارساً أو أمكنه أن يتحصن بحصن أو يلتجيء إلى فئة - هل له أن يثبت ويقاتل؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يلزمه الهرب، وله أن يقاتل؛ فعلى هذا: إن قتله - فلا شيء عليه.
والثاني: عليه أن يهرب؛ لأنه يندفع به قصده؛ كما لو أمكنه دفعه بصيحة - ليس له ضربه، فعلى هذا: إن ثبت، وقاتل، وقتله - تجب [عليه] ديته.
وإذا دفع الرجل عن حريم غيره أو مال غيره - فهو كالدفع عن حريم نفسه ومال نفسه؛ سواءٌ كان الغير مسلماً أو ذمياً.
فحيث قلنا: يجب الدفع في حق نفسه - يجب في حق غيره، ولو قصد رجلٌ إتلاف ذي روح من مال الغير، أو من مال نفسه، أو رآه يشدخ رأس حماره - يجب دفعه إذا لم يخف على نفسه؛ لحرمة ذي الروح، ولو دفعه، فصار في الدفع قتيلاً -لا شيء عليه، وإن كان قصده إتلاف غير ذي الروح، أو رآه يحرق كدسه أو قصد [شعير حمار] غيره - لا يجب الدفع، ولو دفعه جاز.
ولو صال مسلم على ذمي، أو الأب على ابنه، أو السيد على عبده - فله دفعه، وإن أتى على نفسه؛ كالأجنبي، وكذلك لو كان مراهقاً.
ولو صالت بهيمة على إنسان، فلم يمكنه دفعها إلا بالقتل، فقتلها - لا ضمان عليه، وعند أبي حنيفة - رحمه الله-: يجب الضمان.
قلنا: ما صار مباح القتل لصيال - فلا يجب ضمانه؛ كالآدمي، ولو سقط متاع من