أحدهما: له أن يجاهد دون إذنهما؛ لأنه لا حكم لهما في أنفسهما؛ فلا يعتبر إذنهما لغيرهما.
والثاني: وهو الأصح عندي-: لا يجاهد إلا بإذنهما؛ لأن المملوك كالحر في البر والشفقة.
وإن كان الجهاد فرضاً متعيناً؛ بأن أحاط العدو بهم، أو هجموا على بلدٍ - فعليه أن يجاهد بغير إذن الأبوين، وصاحب الدين؛ لأن ترك الجهاد - ههنا؛ يؤدي إلى الهلاك.
فحيث قلنا: لايخرج إلا بإذن أهل الدين والأبوين؛ فخرج بغير إذنهم - عليه أن يرجع قبل حضور الوقعة والتقاء الزحفين، إلا أن يخاف على نفسه في الرجوع - فلا يرجع، وإن كان بعد حضور الوقعة - هل له أن يرجع؟ فيه وجهان:
والثاني: لا يجوز أن يرجع؛ لأنه افترض عليه الجهاد بحضور الوقعة.
وإن خرج بإذن الأبوين وبإذن الغريم، ثم رجعا، أو كان الأبوان كافرين، فخرج بغير إذنهما، ثم أسلما، ولم يأذنا: فإن كان بعد حضور الوقعة - فلا يجوز أن يرجع؛ لأنه افترض عليه الجهاد، وإن كان قبل حضور الوقعة - عليه أن يرجع إلا أن يكون قد دخل دار الحرب، وخاف على نفسه من الكفار، أو يخشى انكسار قلوب المسلمين برجوعه - فليس له أن يرجع.
وإذا خرج العبد إلى الجهاد بإذن المولى - له أن ينصرف قبل حضور الوقعة؛ وبعده - فلا؛ لأن فيه ضرراً بالمسلمين.
ومن حدث به عُذرٌ: من مرض أو غيره - فله أن يرجع قبل حضور الوقعة؛ وبعده - لا يرجع.
قال الشيخ - رحمه الله -: عندي: إذا مرض - رجع، وإن قل سلاحه بعد حضور الوقعة - له أن يرجع، وإن مات فرسه: إن أمكنه أن يقاتل راجلاً - لا يرجع - وإلا - يرجع.
فصلٌ: في بعث السرايا
قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩].