ولو دخل رجل مشرك إلينا بأمان صبي أو مجنون: فإن عرف أن أمانه لا يصح-: حل قتله، واسترقاقه، وإن قال: ننته عاقلاً بالغاً، أو علمته صبياً، وظننت أن أمان الصبي جائز-: يقبل قوله، ولا يحل قتله، ولا استرقاقه، ويبلغ المأمن.
وإذا أمن مسلم كافراً-: يشترط علم المؤمن وقبوله، وقبوله أن يقول قبلت، أو سكت إذا بلغه الخبر، وإن كان في حال القتال -: يترك القتال، وإن رد-: لا يصح أمانه؛ فإن ثابت بن قيس الشماس أمن الزبير بن باطا يوم قريظة، فلم يقبله، فقتله".
وإذا قبل الأمان-: فهو لازم من جهة المسلم؛ لا يجوز له نبذه إلا بعذر، وهو جائز من جهة الكافر، متى شاء نبذه، وإذا جاء واحد من دار الكفر رسولاً إلى الإمام، فهو في أمان لا يجوز قتله؛ رُوي عن نعيم بن مسعود، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجلين جاءا من عند مسيلمة:"أما والله، لولا أن الرسول لا يقتل لضربت أعناقكما".
ولو أمن رجل امرأة كافرة؛ حتى لا تسترق-: هل يجوز؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لأن الاسترقاق في حقهن كالقتل في حق الرجال.
والثاني: لا يجوز؛ لأن فيه إبطال حق المسلمين.
وهذا بناء على ما لو صالح الإمام أهل حصن على مال أو على الجزية، وليس فيه إلا النساء والصبيان-: هل يجوز أم لا؟ فعلى قولين.
فصلٌ
ولو أن علجاً كافراً دل الإمام على قلعة على أنه إن فتحها يعطيه جارية سماها، فعقد الإمام معه هذا العقد، أو ابتدأ الإمام، فقال للعلج: إن دللتني على حصن كذا، فلك منه جاريةٌ، سمى أو لم يسم -: يجوز، وإن كانت الجارية مجهولة غير مقدور عليها؛ لأنه يسامح في المعاملة مع الكفار بما لا يسامح مع غيرهم، وكذلك: لو قال للعلج: دلني على الحصن، ولك ثلث ما فيه-: جاز.
وإنما يجوز هذا العقد، إذا كان المشروط له مما يدله عليه، فإن شرط له من عند نفسه شيئاً-: لا يجوز مع الجهالة؛ مثل أن يقول: أدلك على حصن كذا؛ على أن تعطيني جارية من عندك، أو قال الإمام: إن دللتني فلك ثلث مالي-: لا يجوز، فإن شرط له شيئاً معلوماً،