فأما إذا صالح الإمام أهل الحصن- نظر: إن كانت هذه الجارية خارجة عن الأمان؛ مثل: إن صالحهم على أن يكون صاحب الحصن وأهله في أمان، والباقون سبي، وهذه الجارية ليست من أهل صاحب الحصن-: [سلمت إلى العلج.
وإن كانت هذه الجارية من أهل صاحب الحصن]- يقال للعلج: أترضى بجارية أخرى من الحصن أو بقيمة الجارية: فإن رضي -: أعطى من بيت المال، وأمضى الصلح، وسلمت الجارية إلى العلج، وإن لم يرض - يقال لصاحب الحصن: أعطيناك ما صالحنا عليه غيرك من قبل؛ فإن لم تسلمها يُنبذ إليك عهدك، فارجع إلى الحصن، وأغلق الباب، فإذا رجع، ثم فتحنا الحصن-: نسلم الجارية إلى العلج؛ كما سبق.
وإن لم يحصل الفتح-: هل تجب القيمة للعلج؟ فيه قولان:
أحدهما: بلى؛ لأن الإمام قد ظفر بها.
والثاني: وهو الأصح-: لا تجب؛ لأن الاستيلاء لم يتم؛ كما لو لم يفتح أصلا.
يخرج من هذه المسألة: أنه يجوز تبديل المؤمن؛ فإن عرضنا على صاحب الحصن: أن يعوضه عن الجارية، وأنه يجوز عقد الأمان لمجهولي العدد معلومي الحال.
فإذا صالحنا صاحب الحصن على أن يكون أهله في أمان، وإن لم نعرف عددهم-: فكذلك يجوز لمعلومي العدد مجهولي الحال؛ مثل: أن يصالح أهل حصن على أن يكون مائة نفر منهم في أمان، ثم يعينهم صاحب الحصن، فإن عد مائة، ولم يعد نفسه - جاز قتله.
فصلٌ: في حكم ما يجري في دار الحرب من محظورات الإسلام
من ارتكب من المسلمين في دار الحرب جريمة موجبة للحد-: يجب عليه الحد.
وعند أبي حنيفة: لا يجب.
ثم قال الشافعي -رضي الله عنه- في موضع: تؤخر إقامته حتى يرجع إلى دار الإسلام.
وقال في موضع: يقام في دار الحرب، ولا يؤخر.
وليس على قولين، بل على حالتين؛ حيث قال:"لا يؤخر"، أراد به: إذا لم يخف فتنة المحدود وارتداده أو اجتراء الكفار على المسلمين.