وإن حكم عليهم بالقتل، ثم رأى الإمام أن يمن عليهم -: جاز؛ لأن سعد بن معاذ؛ حكم بقتل رجال بني قريظة، وسأل ثابت بن قيس الأنصاري أن يهب له الزبير بن باطا اليهودين فوهب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
وإن حكم باسترقاقهم-: لم يجز أن يمن عليهم إلا برضا الغانمين؛ لأنهم صاروا مالاً لهم.
وإن حكم بما لا يوافق الشرع؛ مثل: إن حكم بقتل الصبيان، والنسوان-: لم ينفذ.
ولو استنزلهم على أن ما يقضي الله فيكم، نفذته-: لم يجز؛ لأنهم لا يعرفون حكم الله، عز وجل: رُوي عن بريدة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال: وإن حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله-: فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك؛ فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا"، والله أعلم.
باب فتح السواد
سواد "العراق"فتحت في زمن عمر عنوة، وصارت [أراضيها] للغانمين، فاستطاب عمر - رضي الله عنه- أنفسهم بمال عوضهم عنها، وضرب عليها خراجاً معلوماً، ولولا أن الغانمين ملوها-: لم يكن عمر - رضي الله عنه- يعوضهم عنها.
وعند أبي حنيفة: يتخير الإمام في العقار المغنوم بين أن يقفها؛ كما فعل عمر بسواد "العراق"، وبين أن يترك إلى الكفار؛ كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعقار "مكة"، وبين أن يقسمها بين الغانمين، كالمنقول.
وعندنا، يقسم العقار؛ المنقول.
"ومكة" فتحت صلحاً، وفي سرد قصة الفتح بيان أنها مفتوحة صلحاً، وسواد "العراق" قسمها عمر بين الغانمين، ثم عوضهم عنها باستطابة أنفسهم.
قال جرير بن عبد الله البجلي: "كانت بجيلة ربع الناس، فقسم لهم عمر ربع السواد، فاشتغلوا ثلاث سنين".
قال جرير: "فقدمت على عمر، فقال عمر: لولا أني قاسم مسئول لتركتكم على ما قسم لكم، ولكني أرى أن تردوا على الناس؛ ففعلوا" وإنما فعل عمر ذلك، خوفاً من أن يشتغل الناس بالزراعة والحرث؛ فيختل أمر الجهاد.