والثاني: لم يدخل فيه إلا المزارع؛ لأن دخولها في الوقف يؤدي إلى خرابها. د
فأما الثمار التي فيها، فهل يجوز لمن هي في يده الانتفاع بها؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ بل يأخذها الإمام للأرض؛ فيبيعها، ويصرفها في المصالح.
والثاني: يجوز؛ لأن الحاجة تدعو إليه؛ كما في المساقاة، وما يؤخذ من هذه الأراضي-: فلمصالح المسلمين يجوز صرفها إلى أهل الفيء والصدقات، والفقراء والأغنياء؛ على ما يراه الإمام، ومن الأهم فالأهم.
وروي الشعبي في قدر الخراج: "أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بعث عثمان بن حنيف -رضي الله عنه- فجعل على كل جريب شعير درهمين، وعلى جريب الحنطة أربعة دراهم، وعلى جريب القصب والشجر ستة دراهم، وعلى جريب الكرم ثمانية دراهم، وعلى جريب النخل عشرة دراهم، وعلى جريب الزيتون اثني عشر درهماً.
وروى أبو مجلز: "أن عثمان بن حنيف فرض على جريب الكرم عشرة دراهم، وعلى جريب النخل ثمانية".
ولو أراد الإمام: أن يقف أرضاً من الغنيمة اليوم بطيبة أنفس الغانمين، أو بمال يرضيهم به، كما فعل عمر - رضي الله عنه-: يجوز، ومن لم يطب به نفساً-: فهو أحق بماله.
أما ما فُتحت من أراضيهم صلحاً-: ففيه مسألتان:
أحداهما: أن يصالحهم على أن تكون الأراضي للكفار، وهم يؤدون عن كل جريب في كل سنة كذا؛ فهذا جائز، والمضروب عليهم جزية، بشرط أن يكون المضروب عليهم قدراً يبلغ في حق كل حالم ديناراً [فأكثر]، ولا يؤخذ من أراضي الصبيان، والنسوان، والمجانين؛ لأنه لا جزية عليهم.
وهل يجب أن يؤدوا ذلك عن الموات؟ نظر:
إن كانوا يمنعوننا عنه-: يجب.
وإن كانوا لا يمنعوننا عنه- فلا يجب، ومن أحياه-: يملكه.
ولو أنهم أحيوا منه شيئاً بعد الصلح-: لا يجب عليهم أن يؤدوا [منه إلا أن يشترط عليهم أن يؤدوا] عما يحيوا؛ فيجب، وإذا أسلموا- يسقط عنهم ذلك بالإسلام، ويجوز