للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنهم من قال: لا يأكل إلا قدر سد الرمق قولاً واحداً؛ لأن تحريمه لحق الآدمي، ومبناه على الشح والضيق.

ومنهم من قال: له أن يأكل قدر الشبع قولاً واحداً؛ لأن جنسه حلال؛ بخلاف الميتة، وكذلك إذا وجد شاةً للغير أو حماراً له- عقره وأكله.

وإن كان صاحب الطعام حاضراً- نظر: إن كان صاحب الطعام أيضاً مضطراً إليه- لا يجب عليه أن/ يطعم صاحبه؛ إذا لم يفضل منه، فإن آثر صاحبه، واختار لنفسه الهلاك- جاز؛ إذا كان صاحبه مسلماً؛ لقوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩]، وإن كان صاحبه المضطر كافراً؛ سواء كان ذمياً أو حربياً- لا يجوز أن يؤثره على نفسه، وكذلك: إذا كانت لصاحبه دابة جائعة- لا يجوز أن يؤثرها على نفسه؛ وإن لم يكن صاحب الطعام مضطراً إليه في الحال، وإن كان يحتاج إليه في باقي الحال- يجب عليه أن يطعم المضطر؛ سواء كان المضطر مسلماً أو ذمياً أو مستأمناً- يجب عليه أن يطعمه؛ فإن لم يفعل- فللمضطر أن يكابره، ويأخذ منه قهراً، وإن أتى على نفسه، وهل يجب أن يأخذ منه قهراً؟ نظر: إن كان يخاف عليه- لا يجب؛ وإلا- فوجهان:

أما إذا كان المضطر مرتداً أو حربياً- لا يجب أن يطعمه؛ لأن قتلهم مباح.

إذا ثبت أن على صاحب الطعام إطعام المضطر [منه] فلا يجب أن يطعمه مجاناً؛ بل يطعمه بالعوض؛ فإن باعه، ومع المضطر ثمنه- يجب عليه أن يشتري؛ حتى لو كان عليه إزار واحد عليه صرفه إلى الطعام؛ إذا لم يخف الهلاك من البرد، ويصلي عرياناً؛ لأن كشف العورة أخف من أكل الميتة؛ بدليل أنه لا يجوز أن يكابر الغير على أخذ الثوب لستر العورة، ويجوز أن يكابره على أخذ الطعام.

فإن لم يكن مع المضطر ثمن الطعام- يجب على صاحب الطعام أن يبيع منه نسيئة، فإن باعه أكثر من ثمنه في مثل تلك الحالة- يجب على المضطر أن يشتري؛ سواء كان له ببلده مال أو لم يكن، ثم كم يلزمه؟ فيه وجهان:

أحدهما: جميع المسمى؛ لأنه التزمه مختاراً.

والثاني: لا يلزمه إلا ثمن المثل في مثل ذلك المكان والوقت؛ لأنه كان كالمكره في قبول تلك الزيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>