والثاني: لا يحنث؛ لأن السطح حاجز بين الدار وخارجها؛ فصار كما لو لم يكن محوطاً، وكما لو صعد حائط الدار.
ولو كانت في الدار شجرة منتشرة أغصانها، فتعلق بغصن منها، فصعدها، فإن نزل على طرف السطح حتى أحاط به حائط الدار- حنث، وإن حازى السطح، فهو كما لو صعد السطح، وإن حلف لا يخرج من هذه الدار فصعد السطح: إن لم يكن محوطاً- حنث، وإن كان محوطاً- فوجهان، ولو حلف لا يدخل هذه الدار، وهو فيها، فلم يخرج- لا يحنث؛ لأنه لا يعبر بالدخول عن المقام كما لو حلف لا يسكن لا يحنث بالدخول؛ [لأنه لا يعبر بالسكنى عن الدخول]، وكذلك: لو حلف لا يخرج من هذه الدار، وهو خارج- لا يحنث تى/ يدخل ويخرج؛ حينئذ يحنث، وكذلك: لو حلف لا يتزوج، وهو متوزج، أو لا يتطهر، وهو متطهر، فدام عليه- لا يحنث؛ لأنه لا يعبر [فيه] بالدوام عن الابتداء، أما إذا حلف لا يلبس ثوباً، وهو لابسه، فلم ينزع في الحال، أو حلف لا يركب دابة، وهو راكبها، فلم ينزل- حنث؛ لأنه يعبر باللبس والركوب عن الاستدامة؛ بدليل أنه لو قيل له: انزع الثوب يصح أن يقول: حتى ألبس ساعة، ولو قيل: انزل عن الدابة، يصح أن يقول: حتى أركب ساعة، ولو قيل: اخرج من الدار- لا يحسن [في جوابه] أن يقول: حتى أدخل ساعة، بل يقول: حتى أسكن ساعة، حتى لو حلف لا يلبس ثوب فلان، وهو لابسه، فاستدام- حنث، ولزمته كفارة، فلو حلف ثانياً لا يلبسه، فاستدام- عليه كفارة أخرى؛ لأن اليمين الأولى قد انحلت بالاستدامة الأولى، والدليل عليه أيضاً: أنه يجوز أن يقدر المدة بهذه الشياء، فيقول: لبست يوماً، وركبت ليلة، وسكنت شهراً، أو أقمت يوماً، ولا يصح أن يقول: دخلت الدار يوماً، أو تزوجت شهراً، أو تطهرت يوماً، ولو حلف [أن] لا يقوم، وهو قائم، فلم يقعد، أو حلف أن لا يقعد، وهو قاعد، فلم يقم- حنث؛ لأنه يعبر بالقيام والقعود عن الدوام، ولو حلف- لا يتطيب، وهو متطيب فاستدام- هل يحنث؟ فيه وجهان:
أصحهما: لا يحنث؛ لأن الاستدامة لا تجعل كالابتداء فيه؛ بدليل أنه إذا تطيب فأحرم واستدام ذلك الطيب بعد الإحرام- لا تجب عليه الفدية.