قال ابن أبي هريرة: اليمين انعقدت على الباب الأول، فلا يحنث بالدخول من الثاني؛ كما لو حلف لا يدخل دار زيد، فباعها زيد، ثم دخلها- لم يحنث.
والثاني- وهو الأظهر، وهو قول أبي إسحاق-: يحنث بالدخول من الباب الثاني؛ لأنه عقد اليمين على بابها، وبابها- الآن- هذا الثاني، كما لو حلف ألا يدخل دار زيد، فباع زيد داره، واشترى داراً أخرى- يحنث بدخول التي اشتراها دون الأولى.
ولو حلف لا يدخل بيتاً، فدخل أي بيت كان من مدر أو طين أو آجر أو هجر أو خشب أو أدم أو شعر، أو دخل خيمة- يحنث؛ لأن اسم البيت ينطلق على الكل؛ قال الله تعالى:{وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً}[النحل: ٨.]، وكلها للإيواء والسكنى.
ومن أصحابنا/: من قال- وهو قول [ابن سريج]-: إذا كان الحالف قروياً، فدخل خيمة أو بيتاً من شعر أو أدم- لا يحنث؛ لأن أهل القرى لا يطلقون عليها اسم البيت، والأول أصح؛ لأن كلها مبنية للسكنى؛ كالبدوي إذا دخل بيتاً من طين، أو مدر يحنث، وإن لم يكن ذلك متعارفاً فيهم، وإذا قال بالفارسية، فلا يحنث إلا ببيت مبني، ولو دخل بيت المسجد أو الكعبة أو غاراً في الجبل أو بيت الحمام- لا يحنث؛ لأنها غير مبنية للإيواء والسكنى؛ فلا يدخل في إطلاق اسم البيت وكذلك لو دخل بيعة أو كنيسة- لا يحنث؛ لأن مطلقه يتناول بيوت العباد.
ولو حلف لا يدخل على فلان بيتاً، فدخل بيتاً، وفلان فيه مع غيره- نظر: إن كان عالماً بكونه فيه، ولم يعزله بقلبه- حنث، وإن عزله بنيته، ونوى الدخول على غيره- ففيه قولان:
أحدهما: يحنث؛ لوجود الدخول عليه.
والثاني: لا يحنث؛ لأنه لم يقصد الدخول عليه.
وإن دخله، ولم يعلم أن فلاناً فيه- فعلى قولي حنث الناسي.
ولو كان المحلوف عليه وحده فيه، فدخل الحالف عالماً به؛ لنقل متاع أو لشغل آخر: فإن لم يعزله بنيته- حنث، وإن عزله- قيل: فيه قولان؛ كما لو كان فلان مع غيره،