مالاً، فوكل الحالف رجلاً يبيع ماله، وأذن له في التوكيل، فدفع الوكيل المال إلى زيد، حتى باعه حنث الحالف، سواء علم زيد أنه متاع الحالف أو لم يعلم؛ لأنه باعه مختاراً، ولو حلف لا يستخدم فلاناً، فخدمه فلان، وهو ساكت، لم يدفعه- لم يحنث؛ لأنه حلف على فعله، [وهو طلب الخدمة] ولم يوجد منه ذلك.
ولو حلف لا يبيع من فلان شيئاً، أو: لا يهب منه، فباع أو وهب هبة فاسدة- لا يحنث، ولو حلف ألا يهب لفلان شيئاً، فوهب، ولم يقبل فلان- لم يحنث؛ لأن الهبة لم تتم، وإن قبل فلان وأقبضه- حنث، وإن لم يقبض- فالمذهب؛ أنه لا يحنث؛ لأن المقصود من الهبة لم يحصل، وقيل: يحنث؛ لوجود الهبة، وإن لم يحصل الملك؛ وبه قال أبو حنيفة؛ ولو حلف ألا يهب- يحنث بكل ما يملك في الحياة من غير عوض؛ كالنحلة والعمرى والرقبى وصدقة التطوع ولا يحنث بصدقة الفطر؛ لأنه يؤدي واجباً عليه؛ كما لو أدى ديناً عليه، وعند أبي حنيفة: لا يحنث بصدقة التطوع إن تصدق، على فقير، فإن تصدق على غني- حنث.
ولو أعار شيئاً من إنسان، أو أسكنه داره- لم يحنث؛ لأنه ليس بهبة، وكذلك: لو أوصى بشيء- لم يحنث؛ لأن الوصية تمليك بعد الموت، والميت لا يحنث، ولو وقف شيئاً لا يحنث، وقيل: إن قلنا: يزول الملك إلى الموقوف عليه- يحنث، وليس بصحيح، ولو باع شيئاً بالمحاباة- لا يحنث، ولو حلف لا يتصدق، فتصدق فرضاً أو تطوعاً، سواء تصدق على فقير أو غني- حنث، ولو وهب شيئاً- فوجهان:
أحدهما: يحنث؛ كما لو حلف ألا يهب، فتصدق، حنث.
والثاني- وهو الأصح-: لا يحنث؛ لأن اسم الصدقة أخص، فلا يقع على الهبة، واسم الهبة أعم، فيقع على الصدقة؛ كما لو حلف لا يأكل طعاماً، فأكل الخبز- حنث، ولو حلف لا يأكل الخبز، فأكل طعاماً آخر- لم يحنث، ولو أعتق عبداً- حنث، ولو وقف شيئاً إن قلنا: الملك للواقف- لا يحنث، وإن قلنا: زال إلى الله تعالى- حنث، وإن قلنا: للموقوف عليه- فوجهان؛ كالهبة.
فصل فيما لو حلف ألا يرى منكراً
إذا حلف لا يرى منكراً إلا رفعه إلى القاضي أو قال: لا أرى فلاناً يسرق إلا رفعته/