للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القاضي- لا يحنث بالرفع إليه، وهل/ يشترط أن يكون قاضياً يوم الرفع إليه؟ فيه وجاهن؛ كما ذكرنا في البر.

فصل فيما لو حلف لا يضربن عبده

إذا حلف ليضربن عبده، فضربه ضرباً يتناولها لاسم بر في يمينه، وإن لم يؤلمه، وعند مالك- رحمه الله-: الإيلام شرط، قلنا: اسم الضرب يتناول الكل؛ بدليل أنه لا يجوز نفي اسم الضرب عن غير المؤلم، أما إذا وضع السوط عليه، [ورفعه- فلا يبر]، لأنه لا يسمى ضرباً، ولو قال: ضرباً شديداً- فلا يبر إلا بضرب مؤلم يسمى شديداً، ولو حلف ليضربنه، فعضه، أو قرصه أو خنقه، أو نتف شعره- لم يبر؛ لأنه ليس بضرب، ولو لكزه أو لطمه أو رفسه- فيه وجهان:

أصحهما: يبر؛ لأن كلها ضرب.

والثاني: لا يبر؛ لأن الضرب المتعارف ما كان بآلة.

ولو حلف ليضربن عبده- مائة سوط، أو مائة خشبة، فربه بإثكال عليه مائة شمراخ، أو شد مائة سوط، فضربه بها ضربة واحدة، فإن تيقن أن الكل أصابته- بر في يمينه؛ لأن الله تعالى قال لأيوب- عليه السلام-: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} [ص: ٤٤]، وإن تيقن أن الكل لم يصبه أو لم يصل إليه ألم الكل- لم يبر، [ولو تراكم البعض على البعض- يحنث، ووصل إليه ألم الكل- بر]؛ كما لو ضربه فوق ثوب وإن شك هل أصابه الكل أو هل وصل إليه ألم الكل؟ نص على أنه لا يحنث في الحكم، والورع: أن يحنث نفسه، ونص فيما لو قال: ليفعلن كذا في وقت، إلا أن يشاء فلان، فلم يفعل، ومات فلان، ولم تعرف مشيئته-: أنه يحنث، واختيار المزني أنه [لم] يحنث في الموضعين، فمن أصحابنا من جعل فيهما قولين، ومنهم من فرق بينهما، فقال- ههنا-: لا يحنث؛ لأنه حلف على الضرب، وقد وجد الضرب المبر، والشك في المحنث، والأصل أنه لم يحنث، وهناك: حلف على الفعل ولم يفعل، فتيقنا وجود المحنث ومشيئة فلان المنع من الحنث، وشككنا [فيه] في وجوده، والأصل عدمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>