ولو نذر صلاة أو صوماً أو اعتكافاً أو صدقة في شهر بعينه، فمنعه مرض أو سلطان- عليه القضاء، بخلاف الحج إذا منعه سلطان- لا يجب القضاء؛ لأن الواجب بالنذر كالواجب بالشرع، والصلاة والصوم والصدقة- قد تجب ابتداءً مع العجز والمرض، وكذلك تلزم بالنذر، أما الحج: فلا يجب بالشرع إلا بشرط الاستطاعة؛ كذلك بالنذر.
فصل في نذر الصوم
إذا نذر صوم أيام- مثلاً- صوم عشرة أيام- لا يلزمه الشروع فيها عقيب النذر، وله أن يصومها متتابعة ومتفرقة، غير أن المستحب أن يعجل صومها عقيب النذر، وأن يصومها متتابعة، فإن قيد بالتتابع [يجب التتابع] ولا يجب التعجيل، وإذا شرع في صومها، فأفطر يوماً- يلزمه استئناف العشر، وإذا نذر أن يصوم متفرقاً- يلزمه التفريق؛ لأن التفرييق مما يلزم بالشرع كالتتابع، وهو في صوم المتمتع؛ فيلزمه بالنذر حتى لو صام عشرة متتابعة- يحسب/ له صوم خمسة أيام، ولا يصح بين كل يومين صوم يوم، ولو نذر صوم سنة- لا تخلو: إما إن عين أو لم يعين؛ فإن نذر صوم سنة بعينها: بأن قال: "لله علي [أن] أصوم سنة كذا، أو: سنة من وقتي هذا، أو: أشرع فيه غداً"، أو لم يعين، وقال: " [أصوم] سنة من محرم إلى محرم يجب أن يصومها متتابعاً؛ لتعيين الوقت؛ كما يجب صوم رمضان متتابعاً، ويصوم رمضان عن فرض الشرع، ولا يجب قضاءه عن النذر؛ لأنه لم يدخل في النذر، ويجب أن يفطر العيدين وأيام التشريق، ولا يجب قضاؤها؛ لأنها لا تقبل الصوم؛ فلم يتناولها النذر، وإذا أفطرت المرأة بعذر الحيض أو النفاس، هل يجب عليها قضاء أيام الحيض والنفاس؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يجب؛ كما لا يجب قضاء يوم العيد.
والثاني: يجب؛ لأن زمان الحيض محل للصوم في حق غيرها، بخلاف يوم العيد؛ فإنه غير قابل للصوم في [حق] أحد، فلم يدخل في النذر، كزمان الليل، وهذا أصح، وإن أفطر يوماً بغير عذر- يجب عليه قضاء ذلك اليوم، وهل يجب استئناف السنة؟ نظر: إن لم يقيد بالتتابع- لا يجب؛ لأن التتابع وجب فيه لحق الوقت، فإذا أفطر يوماً- لا يجب إلا قضاء ما أفطر كصوم رمضان، وإن قيد بالتتابع بأن قال: أصوم سنة كذا متتابعاً - ففيه