للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن المالك أغلق على نفسه باب التصرف فيه لعقده، والوارث لم يعقد عقداً يمنع نفسه من التصرف.

فإن قلنا: بيع الوارث صحيح، فالقسمة هاهنا صحيحة. فإن أدى الوارث الدين، وإلا نقضت القسمة، وبيعت التركة في الدين.

وإن قلنا: بيع الوارث لا يصح، فإن جعلنا القسمة بيعاً فهي باطلة، وإن جعلناها إفرازاً للحق صحت القسمة؛ فإن لم يؤدوا الدين، نقضت القسمة، وبيعت في الدين.

ولو ظهرت وصية بعد قسمة التركة؛ نظر: إن كانت الوصية مرسلة فكالدين، وإن كانت بعين من الأعيان فكالاستحقاق، وإن كانت بالثلث لا تنقض القسمة، وأخذ الموصي له من كل واحد ثلث ما خصه.

ولو تنازع الشريكان بعد القسمة في بيت في الدار التي اقتسماها؛ فادعى كل واحد أن هذا البيت نصيبي ولم يكن بينة تحالفاً، ونقضت القسمة؛ كالمتبايعين إذا اختلفا، تحالفا، وفسخ البيع. وإن وجد أحدهما بما صار له عيناً، فله الفسخ، كما يفسخ البيع بالعيب.

وإذا كانت دار في أيدي جماعة طلبوا الحاكم أن يقسمها بينهم- نظر: إن أقاموا بينة أنها ملكهم، عليه أن يقسمها بينهم. وإن لم يقيموا بينة، فهل له أن يقسمها؟ فيه قولان:

أحدهما: لا يقسهما إلا ببينة تشهد أنها ملكهم؛ لاحتمال أنها في أيديهم بعارية أو إجارة. فإذا قسمها بينهم، ثم جاء مالكها؛ فهم يدعون أنها ملكهم، ويقيمون البينة على أن فلاناً الحاكم قسمها بينهم؛ فيبطل به حق المدعي.

والثاني: يقسمها بينهم؛ لأن اليد دليل ملكهم، ويكتب في الذكر؛ أنه قسمها بينهم بقولهم، ويشهد عليه؛ حتى إذا ظهر لها مالك تكون على حجته.

ولو جاز ألا يقسم، وجب ألا تبقى في أيديهم؛ خوفاً من أن يأتي قاض بعده؛ فيرى إقراره في أيديهم حكماً لهم بها. ولا فرق عندنا بين العقارات وغيرها.

وعند أبي حنيفة: لا يقسم العقار من غير بينة، ويقسم غير العقار؛ فنقيس أحدهما على اِلآخر. والله أعلم بالصواب.

قال الله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] وهذا أمر على سبيل الإرشاد؛

<<  <  ج: ص:  >  >>