للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشهود وقالوا: تعدمنا- يجب عليهم القصاص، أو الدية؛ على ما ذكرنا في "كتاب الحدود".

وإن شهدوا على غير عقوبة مما لا يمكن تداركه؛ مثل: أن شهدوا على عتق عبد أو طلاق بائن من خلع، أو ثلاث طلقات، أو لعان، أو رضاع، أو غير ذلك من أنواع الفرقة، ثم رجعوا بعد الحكم- لا يرد العتق ولا الفراق؛ لأن القضاء مضى بالاجتهاد، ولا يتحقق صدقهم في قولهم: إنا كذبنا؛ فلا يرد القضاء بقول محتمل، ويجب على الشهود قيمة العبد في العتق، والمهر في فراق النكاح بطلاق، أو رضاع، أو غيرهما؛ سواء كان قبل الدخول، أو بعده.

وعند أبي حنيفة: لا شيء على الشهود إن كان بعد الدخول؛ فيقول: قد وقعت الحيلولة بين الرجل وبين زوجته بشهادته؛ فإذا رجع عنها، يجب الغرم؛ كما لو كان قبل الدخول.

ثم عندنا: إن كان بعد الدخول، يجب على الشهود كمال مهر المثل. وإن كان قبل الدخول، نقل المزني: أنه يجب على الشهود كمال مهر المثل. ونقل الربيع: أنه يجب عليهم نصف مهر المثل؛ فمن أصحابنا من قال- وهو الأصح-: في المسألة قولان:

أحدهما: يجب عليهم نصف مهر المثل؛ لأن الزوج لم يغرم لها إلا نصف المهر، وقد عاد إليه نصفه؛ ألا ترى أنهما لو شهدا بالإقالة، ثم رجعا، لم يغرما شيئاً؛ لأنهما إن أخرجا السلعة عن ملك المشتري، فقد رد إليه الثمن.

والثاني- وهو الأصح- يجب عليهم كمال مهر المثل؛ لأنهم أتلفوا عليه جميع البضع؛ فيجب عليهم جميع بدله؛ كما في العتق يجب عليهم كمال قيمة العبد.

ومن أصحابنا من قال: المسألة على اختلاف الحالين إن كان الزوج قد سلم الصداق إليها، فيرجع على الشهود بجميع مهر المثل؛ لأنه لا يمكنه أن يسترجع شيئاً منها؛ لأن بزعمه أنها زوجته؛ وهي مستحقة جميع الصداق؛ وإن كان قبل التسليم، فلا يرجع إلا بنصف المهر؛ لأنها لا تطالبه إلا بنصف الصداق.

والأصح: أنه يجب على الشهود جميع المهر؛ لأن الاعتبار بما أتلف عليه، لا بما غرم؛ ألا ترى أنه يرجع بمهر المثل، وإن غرم المسمى؛ سواء كان مهر المثل أقل من المسمى، أو أكثر.

ولو أبرأته المرأة عن الصداق، فالزوج يرجع بالمهر على الشهود، وإن لم يغرم شيئاً؛

<<  <  ج: ص:  >  >>