وكذلك لو أقام رجل بينة؛ أن أبا المدعى عليه وقفها، أو كان عبداً أقام بينة؛ أن أباه أعتقه وأقام ذو اليد بينة، أنه ورثه من أبيه- يقضى له بالوقف والعتق.
هذا إذا كانت الدار والعين في يد أحد المتداعيين فأما إذا كانت الدار في أيديهما؛ يدعي أحدهما كلها، والآخر نصفها- فالقول قول مدعي النصف في النصف الذي في يده. فإن أقام مدعي الكل البينة، قضي له بالكل، وإذا أقام كل واحد بينة، كان بينهما؛ فينبغي أن يقيم مدعي الكل البينة أولاً؛ لأن مدعي النصف لا يدعي أكثر مما في يده.
وبينة ذي اليد لا تسمع ابتداءً؛ فإذا أقام مدعي الكل البينة؛ على أن جميعها له- سمعت بينته، وإن كان النصف مسلماً له، ودخول ذكر ذلك النصف في كلام الشهود- لا يقدح في شهادتهم.
ولو شهدت له بينته؛ أن النصف الذي في يد صاحبه له- صح، وقضي له بجميعها، ثم مدعي النصف يقيم البينة؛ فيرجح بينته باليد فتكون الدار بينهما.
ولو ادعى كل واحد منهما؛ أن جميع الدار له، حلف كل واحد منهما على ما يدعيه، وكانت بينهما وإن حلف أحدهما، ونكل الآخر، قضى للحالف بالكل؛ ولو أقام كل واحد بينة، كانت بينهما؛ لأنه ترجحت بينة كل واحد منهما في النصف الذي في يده.
بيانه: من أقام البينة أولاً، سمعت بينته في النصف الذي في يد صاحبه، ثم الثاني إذا أقام البينة، سمعت بينته في الكل؛ فرجحت في النصف الذي في يده باليد؛ فيحتاج صاحبه إلى أن يعيد البينة على النصف الذي في يده، للمعارضة؛ فتكون الدار بينهما.
وإن كان أحدهما يدعي جميع الدار، والآخر يدعي ثلثها- فالقول قول مدعي الثلث في الثلث مع يمينه؛ لأنه صاحب يد فيها؛ فإن أقاما بينتين، ترججت بينة مدعي الثل في الثلث، والباقي لمدعي الكل.
أما إذا كانت الدار في يد ثالث؛ فادعاها رجلان- يحلف صاحب اليد يمينين على نفي دعواهما. فإن أقام أحد المتداعيين بينة، قضي له بها؛ وإن أقاما بينتين، تعارضتا، فإذا تعارضت البينتان، ففيه قولان:
أصحهما: وهو اختيار المزني-: أنهما يتهاتران، ويسقطان؛ لأنهما متناقضان من حيث يستحيل أن يكون جميع الدار لكل واحد منهما في وقت واحد؛ كالدليلين إذا تعارضا سقطا، ويصار إلى طلب دليل آخر كذلك ها هنا يجعل كأنهما لم يقيما البينة؛ فيصار إلى اليمين.
والقول الثاني: أن البينتين بعد التعارض لا يسقطان، بل يستعملان؛ لأن البينتين اتفقتا؛ على أن لا حق لصاحب اليد فيها؛ فتنتزع من يده ثم في كيفية الاستعمال ثلاثة أقوال: