للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لي، وأعتقته، وأقام عليه بينة- تسمع. وإن كانوا لا يثبتون له في الحال ملكاً؛ لأنهم يشهدون على وفق دعواه؛ وهو لا يدعي الملك لنفسه في الحال، وما نحن فيه بخلافه.

ولو ادعى رجلان داراً في يد رجل، أقام أحدهما بينة؛ أنه غصبها مني، وأقام الآخر بينة؛ أن الذي في يده أقر له بها- فبينة الغصب- أولى؛ لأن الغصب ثبت ببينته وإقرار الغاصب في المغصوب لغير من غصب منه- لا يقبل.

فصل في دعوى النكاح

الدعوى على ثلاثة أقسام: دعوى تسمع مطلقاً؛ وهو دعوى المال.

إذا ادعى؛ أن لي على فلان كذا درهم، لا يحتاج إلى بيان السبب؛ لأن أسبابه كثيرة.

الثاني: دعوى لا تسمع إلا مفسراً؛ وهو دعوى القتل؛ كما ذكرنا في القسامة.

الثالث: دعوى النكاح.

إذا ادعى نكاح امرأة: قال الشافعي: لا تسمع؛ حتى يقول: نكحتها بولي وشاهدي عدل، ورضاها إن كان رضاها شرطاً، وكذلك الشهود إذا شهدوا بالنكاح، فلا يقبل إلا مفسراً.

واختلف أصحابنا فيه: منهم من قال وهو المذهب: لا يسمع إلا مفسراً- كما ذكرنا- لأن مبنى النكاح على الاحتياط؛ تغليظاً لأمر الفرج؛ فإنه معنى تتعلق بجنسه العقوبة، فاشترط فيه التفسير؛ كالدم.

ومن أصحابنا من قال: تسمع الدعوى مطلقاً؛ لأنه دعوى في ملك؛ كدعوى المال.

وما قاله الشافعي- رضي الله عنه- محمول على الاستحباب.

ومن أصحابنا من قال: إن ادعى؛ أن هذه زوجته، فلا يحتاج إلى التفسير؛ لأنه يدعي دوام النكاح فلا يشترط في دوام النكاح الولي والشهود والرضا.

وإن ادعى؛ أني نكحتها، فيحتاج إلى التفسير؛ لأنه يدعي الابتداء، والابتداء يحتاج إلى هذه الشرائط؛ والمذهب: أن لا فرق بينهما وهذا بخلاف ما لو ادعى؛ أن هذه الجارية ملكي، يسمع، وتقبل البينة مطلقاً؛ لأن المقصود منه المال، وحكم المال أخف؛ بدليل أن العقد على المال لا يفتقر إلى الشهادة؛ بخلاف عقد النكاح.

وأيضاً: فإن بضع الحرة لا يملك إلا بوجه واحد؛ وهو النكاح؛ فشرطنا التفسير؛ حتى لا يكون واقعاً على وجه فاسد؛ بخلاف ملك اليمين؛ فإنه يحصل من وجوه شتى، وفي يوم واحد مراراً، فقل، ما يشتبه؛ فلا يشترط فيه التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>