باب جامع الدعوى
إذا ادعى رجلان داراً في يد رجل، وادعى أحدهما؛ أني اشتريتها منه بمائة، ونقدت الثمن؛ فليسلم إلي، وادعى الآخر؛ أني اشتريتها بمائتين، ونقدت الثمن؛ فلتسلم إلي- فإن لم يكن لواحد بينة، حلف لمدعي عليه لهما يمينين، وإن أقر لأحدهما سلم إليه، والآخر يدعي عليه الثمن الذي دفع؛ كما لو هلك المبيع قبل القبض؛ وإن أقام أحدهما بينة سلمت إليه، والآخر يدعي ثمنه الذي أعطى. وإن أقاما بينتين، نظر:
إن كانتا مؤرختين بتاريخين مختلفين، فهي للسابق منهما، والآخر يدعي ثمنه؛ وإن كانتا مطلقتين، أو مؤرختين بتاريخ واحد، أو إحداهما مطلقة، والأخرى مؤرخة- فقد تعارضت البينتان.
إن قلنا: يتهاتران، سقطتا، ويحلف المدعي عليه يمينين؛ كما لو لم يكن بينة.
وإن قلنا: يستعملان، فلا يجيء قول الوقف؛ لأنهما يتداعيان عقداً، والعقد لا يوقف.
ويجيء القولان الآخران: في قول: يقسم.
وفي قول: يقرع؛ فمن خرجت له القرعة، سلمت إليه الدار، والآخر يرجع عليه بالثمن الذي سمي؛ لأن شهوده شهدوا على أنه نقد الثمن.
وقيل: يجيء قول الوقف؛ فتنتزع من يده، ويوقف إلى أن ينكشف الحال.
فإن قلنا بقول القسمة، يجعل بينهما نصفان، ولكل واحد منهما فسخ البيع؛ لأنه لم يسلم له جميع ما اشترى؛ ثم إن فسخنا، رجع كل واحد بجميع الثمن الذي سماه شهوده على المدعي عليه.
وإن أجازا، رجع كل واحد بنصف الثمن الذي سماه شهوده.
وإن أجاز أحدهما، ثم رد الآخر، فالذي رد رجع بجميع الثمن، والذي لم يرد يرجع بنصف الثمن، ولا يسلم إليه ما رد صاحبه؛ لأنه رضي بنصفه، حيث أجاز. ولو عرض أولاً على أحدهما، ورد، وفسخ- هل للآخر أخذ جميعها؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لأن هذا جواب على قول القسمة، فلا نسلم لأحدهما الكل؛ كما في الصورة الأولى.
والثاني: له ذلك؛ بخلاف الصورة الأولى؛ لأن هناك أجاز قبل رد الثاني، فكأنه رضي في النصف، ورد في النصف.
وهاهنا لم يجز قبل رد الثاني، ولم يرض بالنصف- فكان الفسخ له بسبب المزاحمة،