يكون ولد أمته، ولا يكون ملكاً له؛ بأن تلد في ملك غيره. فإن شهدوا؛ أنه ملكه ولدته أمته، أو لم يقولوا: ولدته أمته- يحكم له بالملك. وإن شهدوا أن أمته ولدته في ملكه، نص أنه يقضى له به؛ كما لو أقام بينة؛ أنه ملكه، وهذه شهادة بملك متقدم؛ لأنهم يشهدون أنها ولدته في ملكه، ويشهدون بالملك في تلك الحالة؛ وهي حالة الولادة.
وقد ذكرنا أنه إذا أقام بينة؛ أنه كان ملكه بالأمس، لا يحكم به؛ على أصح القولين؛ فإن ابن سريج نقل جواب تلك المسألة إلى هذه، وجعلهما على قولين. وسائر أصحابنا فرقوا، وقالوا هاهنا: يقضى له به قولاً واحداً؛ بخلاف تلك المسألة؛ لأن شهادتهم هناك بأصل الملك، فلم تقبل إذا لم يثبتوا الملك في الحالة. وهاهنا شهادتهم بنماء الملك؛ فلم يفتقر إلى إثبات الملك في الحال، إذا حصلت الشهادة بحدوثه في الملك.
ولو شهدوا؛ أن هذه الشاة نتجت في ملكه، أو هذه الثمرة حصلت من شجرته- فهو كما لو شهدوا؛ أنه ولد أمته ولدته في ملكه.
أما إذا شهدوا أن هذا الغز من قطنه، أو هذا الكرباس من غزله، أو هذا الخبز من دقيقه، أو هذا الدقيق من حنطته، أو هذا الطير من بيضته، أو هذا الآجر من طينه- يقضى له بالملك؛ لأن جميع ذلك عين ماله تغيرت صفته؛ بخلاف ولد الجارية، وثمرة الشجرة.
فصل في اختلاف المتكاريين
إذا اختلف المتكاريان: فقال المكري: أكريتك هذا البيت من هذه الدار بعشرة، وقال المكتري: بل جميع الدار بعشرة- يتحالفان، ثم يفسخ العقد بينهما. وعلى المكتري أجر مثل ما سكن؛ فإن سكن جميع الدار، فعليه أجر مثل جميعها، وإن سكن بيتاً، فعليه أجر مثله. فإن أقام أحدهما بينة قضى له، وإن أقام كل واحد بينة على ما يدعيه يتعارضان؛ فإن قلنا بقول التهاتر، سقطتا، ويتحالفان.
وإن قلنا بقول الاستعمال، يقرع بينهما، ولا يأتي قول الوقف ولا القسمة؛ لأن المكتري لا يدعي الملك.
وفيه قول آخر- وبه قال أبو حنيفة-: بينة المكتري أولى؛ لأنها تثبت زيادة؛ وهي اكتراء جميع الدار؛ حتى لو كانت الزيادة في جانب المكري في الكراء يقول: أكريتك الدار بعشرين، والمكتري يقول بعشرة- فكان القول قول المكري مع يمينه؛ على هذا القول.
وإن كانت الزيادة مع الجانبين؛ بأن يقول المكري: أكريتك هذا البيت بعشرين، ويقول المكتري: بل جميع الدار بعشرة- ففيه وجهان: