وإن تنازعا في جارية أو دابة حامل، واتفقا على أن الحمل لأحدهما- فهي لصاحب الحمل.
ولو تنازعا في ثوب، وأحدهما لابسه، والآخر أخذ بكمه- فهو للابس. وإن تنازعا في عمامة، وفي يد أحدهما منها ذراع، والباقي في يد الآخر- فهي بينهما يحلفان.
ولو تداعيا عبداً، ولأحدهما عليه ثياب- فهو بينهما، ولا يقدم صاحب الثياب؛ لأن منفعة الثياب تعود إلى العبد، لا إلى المدعي والله أعلم.
باب أخذ الرجلب حقه ممن يمنعه إياه
روي عن عائشة- رضي الله عنها - أن هنداً قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل - شحيح، وإنه لا يعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه سراً؛ وهو لا يعلم؛ فهل علي في ذلك من شيء؟ فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف".
وإذا كان لرجل على آخر حق، وهو مليء غير ممتنع عن أدائه- لم يكن له أن يأخذ من ماله شيئاً دون إذنه، وإن كان جنس حقه؛ فإن أخذ، فعليه رده فإن تلف عنده، ضمنه؛ لأنه أخذ مال غيره بغير حق. وإن كان ممتنعاً عن أدائه، نظر: إن كان لا يقدر على أخذه بالحاكم؛ بأن كان جاحداً ولا بينة لصاحب الحق، فله أن يأخذ جنس حقه من ماله بغير إذنه، وليس له أخذ غير جنس حقه إذا وجد جنس حقه؛ فإن لم يجد إلا غير جنس حقه، له أخذه.
وقيل: هو بالخيار: إن شاء أخذ جنس حقه، وإن شاء أخذ غير جنسه. والأول أصح.
وإن لم يصل إلى ماله إلا بنقب جداره، له نقبه، وأخذ حقه.
وإن كان يقدر على أخذ حقه بالحاكم، بأن كان من عليه مقراً، ولكنه ممتنع عن الأداء، أو كان جاحداً، ولصاحب الحق بينة عادلة، يمكنه إثبات الحق عليه- فهل يجوز له أخذ حقه من غير أن يثبته بالحكم؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز؛ لأنه يقدر على أخذه بالحكم؛ كما لو قدر على أخذه بالتقاضي.
والثاني: يجوز؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال لهند:"خذي ما يكفيك وولدك" أذن لها في الأخذ مع القدرة على الأخذ بالحكم، ولأنه يلحقه في المرافعة وإثباته بالحكم مؤنة ومشقة.