للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: وهو الأصح-: لا يعتق شيء منه؛ حتى يصل المال الغائب إلى الوارث؛ لأن في تنجيز عتق الثلث فيه تنفيذ الوصية في الثلث قبل أن يسلم للوارث مثلاه؛ لأن الثلثين من العبد لا يكون مسلماً للورثة، ولا ينفذ تصرفهم فيه، بل يكون موقوفاً على تبين أمر الغائب.

فإن قلنا: لا يعتق شيء منه، فأكسابه موقوفة بعد موت المعتق، فإن وصل المال الغائب إلى الوارث- بان أنه عتق بالموت، والأكساب له، وإن قلنا: يعتق ثلثه- فثلث كسبه له, ويوقف الباقي، وإن كان بعض ماله حاضراً، وبعضه غائباً-: فإن كان الحاضر مثلي قيمة العبد- عتق كله، وإن كان أقل- عتق مثل نصفه على القول الأصح؛ مثل: إن كانت قيمة العبد مائة، وله مائتان غائبتان، وقلنا: لا يعتق شيء منه: فإذا حضر منها مائة- عتق نصف العبد؛ لأنه سلم الوارث مائة، ويوقف الباقي، فإن تلفت المائة الغائبة- حكم بعتق ثلثي العبد، وسلم للوارث ثلثه مع المائة.

ونظيره: لو كانت التركة ديناً في ذمة إنسا، فأبرأه صاحب الدين في مرضه، أو أبرأ عن ثلثه، هل يبرأ عن الثلث قبل وصول الثلثين إلى الوارث؟ فعلى وجهين:

الأصح: لا يبرأ وكذلك لو أوصى لإنسان بعين، ومات، وسائر ماله غائب هل يسلم إلى الموصى له ثلث العين؟ فعلى وجهين:

أما إذا أوصى له بثلث ماله وله مال حاضر وغائب، أو بعض تركته دين على إنسان، [والبعض عين- دفع إلى الموصى له ثلث المال الحاضر، وثلث العين] وإلى الوارث الثلثان، وكلما حضر من الغائب، أو قضى من الدين شيء- قسم كذلك؛ لأن ما دفع إلى الوارث يسلم له- ههنا- وينفذ تصرفه فيه، لأن حق الوصية غير متعين فيه.

فصل

يجوز للسيد بيع المدبر وهبته، سواء كان التدبير مطلقاً أو مقيداً.

وقال أبو حنيفة: بيع المدبر غير جائز، إذا كان التدبير مطلقاً؛ لأن عتق تعلق بالموت مطلقاً، فمنع البيع كالاستيلاد.

والحديث حجة عليه، وليس كالاستيلاد؛ لأن سبب العتق فيه آكد؛ بدليل أنه لا يمنعه الدين؛ ولا يعتبر من الثلث، بخلاف التدبير، فإنه يعتبر من الثلث، ويمنعه الدين، فأشبه التدبير المقيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>