جناية المدبر كجناية العبد القن: فإن جنى على حر أو على عبد جناية موجبة للقصاص - يقتص منه، وإن كانت موجبة للمال أو عفى على مال- تباع رقبته في الجناية؛ إلا أن يختار السيد الفداء، فإن بيع في الجناية، ثم عاد إليه- هل يعود التدبير؟ فعلى ما ذكرنا من القولين.
وإن احتيج إلى بيع بعضه، بيع بقدره، والباقي مدبر، وإذا اختار السيد الفداء، بقي العبد مدبراً، ويفديه بما يفدى به العبد القن.
وعند أبي حنيفة: يجبر السيد على الفداء؛ كما في جناية أم الولد.
ولو مات السيد قبل بيع المدبر- فقد اجتمع العتق، والجناية؛ فيكون بمنزلة إعتاق الجاني، هل ينفذ؟ فيه قولان:
إن قلنا: يعتق- أخذ الأرش من تركة المولى، لأن سبب العتق- وجد منه في خال الحياة؛ فيؤخذ الأقل من أرش جنايته أو قيمته، وإن قلنا: لا يعتق فالوارث بالخيار: إن شاء سلمه للبيع في الجناية، وإن شاء فدى، وأعتق المدبر من الثلث.
وإن جنى على المدبر. فهو كالجناية على القن: فإن جنى على طرفه، فهو مدبر كما كان وللسيد أن يقتص إن كانت الجناية موجبة للقصاص، ولا يحتاج إلى إذن المدبر، وإن كانت موجبة للمال- فالأرش للسيد ولو قتل المدبر- فالقيمة للسيد، ولا يجب أن يشتري بها عبداً آخر؛ فيدبره. ولو صالح عن قيمته على عبد آخر- جاز، ولا يجب أن يدبره، بخلاف ما لو وقف متاعاً، فأتلف- يشتري بقيمته مثله، فيوقف؛ لأن المقصود من الوقف: إيصال النفع إلى أقوام، وهم موجودون ومن التدبير إيصال النفع إلى العبد، وقد فات.
وإذا ارتد المدبر فكالقن يصير دمه هدراً؛ ولكن لا يبطل التدبير حتى لو مات المولى قبل المدبر- يعتق، وإن التحق بدار الحرب فسبي- فهو على تدبيره؛ وكذلك: المكاتب وأم الولد لا يبطل بردتهما حق العتاق الذي ثبت لهما، ولو ارتد السيب ما حكم مدبره؟ نص في التدبير على أنه إذا مات مرتداً- كان ماله فيئاً، والمدبر حراً، اختلف أصحابنا فيه، منهم من قال: هذا يبنى على أن ملك المرتد هل يزول بالردة؟ وفيه أقوال:
أحدها: وبه أجاب- ههنا-: لا يزول؛ فعلى هذا: التدبير بحاله، وإن مات أو قتل- عتق.