معه، فأبرأه عن الباقي من غير شرط، أو اختيار العبد تعجيز نفسه، فأخذ السيد ما في يده وأعتقه: جاز؛ قال الشافعي- رضي الله عنه- فإن أحب أن يصح- فليرض المكاتب بالعجز، ويرضى السيد بشيء يأخذه منه على أن يعتقه، فيجوز؛ هذه حيلة ذكرها الشافعي- رضي الله عنه: ليصل المكاتب إلى الحرية بما معه من المال، ولكن المكاتب لا يأمن في هذا من أن يأخذ السيد ما معه بعد فسخ الكتابة، ولا يعتقه، فالطريق فيه أن يقول المولى: إذا عجزت نفسك، ودفعت إلي ألفاً: فأنت حر، فإذا عجز نفسه، ودفع الألف: عتق، ثم يتراجعان: يسترد العبد ما دفع إليه، ويأخذ المولى منه قيمته.
فإن استويا: تقاصا، وإن كان بينهما فضل: يرجع صاحب الفضل بالفضل، وإنما أثبتنا التراجع؛ لأنه جعل التعجيز وبذل المال عوضاً عن العتق، والتعجيز لا يصح أن يكون بدلاً عن العتق، فكأنه أوقع العتق على بدل فاسد، فيجب عليه قيمته.
قال الشيخ الإمام- رحمه الله-: صورة هذا أن يرضى المكاتب بالعجز وقال له المولى ذلك، قبل فسخ الكتابة، لأن مجرد العجز: لا يرفع الكتابة؛ ما لم يفسخه المولى- فإذا عجز نفسه، ودفع الألف: عتق لوجود الصفة، ويكون عتقه واقعاً عن الكتابة؛ لأنه في حال بقاء الكتابة؛ فيكون الكسب له، و [كذلك]: يسترد ما دفع، والسيد لم يرض بإعتاقه مجاناً، بل أعتقه على مسمى، وأفسد ذلك المسمى شرط التعجيز؛ فوجد على العبد قيمته؛ فهذا وجهه عندي، والله أعلم.
باب [بيع] المكاتب وشرائه
الكتابة: معاقدة يتسلط بها العبد على أكسابه، فيجمعها، ويؤديها إلى المولى، فيعتق ولا يملك مكاسبه ولا رقبته.
وقال أبو حنيفة: يملك ما تحت يده، ويجوز له أن يتصرف بالبيع، والهبة، والشراء، والإجارة، والأخذ بالشفعة، وقبول الهبة والصدقة، ويجمع المال بالاحتطاب، والاحتشاش، والاصطياد؛ وهو في المعاملة مع المولى كالأجنبي مع الأجنبي، وهل له أن يسافر بغير إذن المولى؟
قال في كتابة بعض العبد المكاتب: لا يمنع من السفر، وقال في "الإملاء": لا يسافر بغير إذنه.