يجوز [للمولى بيع رقبة المكاتب على قوله الجديد؛ وهو المذهب، ولا يجوز] إعتاقه عن الكفارة؛ لأن الكتابة عقد يمنع من وقوع أرش الجناية [عليه]؛ فيمنع البيع؛ كما لو باع عبداً من إنسان: لا يجوز أن يبيعه من آخر.
وقال في القديم: إنه يجوز بيعه وإعتاقه عن الكفارة؛ كالمعلق عتقه بالصفة.
فإن قلنا بقوله القديم: إنه يجوز بيعه، فباعه، هل تنفسخ الكتابة؟ فيه وجهان:
أحدهما: بلى؛ فإذا أعتقه المشتري: يكون الولاء له.
والثاني: لا ينفسخ حتى لو أدى النجوم إلى المشتري: يعتق، [وولاؤه للبائع؛ كما لو مات السيد، فأدى النجوم إلى الوارث: يعتق]، وولاؤه للميت: فإن قلنا بظاهر المذهب: أن بيعه لا يجوز فباعه، ثم المكاتب أدى النجوم إلى المشتري، هل يعتق؟ فيه قولان: كما ذكرنا في بيع النجوم.
وإذا انتفع به المشتري مدة، ثم ظفر المكاتب بالحاكم، فأثبت بالبينة أن سيده كاتبه، ثم باعه قبل العجز، ينزعه الحاكم من يد المشتري، [وهل يضرب المكاتب مثل المدة التي كانت في يد المشتري] فيه قولان:
أصحهما: لا يضرب؛ لأن المدة محصورة لا يزاد عليها، بل يأخذ من المشتري أجر مثل تلك المدة، ويصرفه إلى المولى، فإن وفى بالنجوم، وإلا فللمولى تعجيزه.
والثاني: يضرب له مثل تلك المدة؛ فيؤخذ أجر المثل من المشتري؛ فيكون للمولى؛ وكذلك: لو حبس المولى مكاتبه مدة، أو قهره فاستعمله، هل يضرب له مثل تلك المدة، أم يؤخذ أجر المثل من المولى، ويصرف في النجوم، فإن وفى؛ وإلا عجزه؟ فيه قولان:
الأصح: يجب أجر المثل؛ لأن المنافع لا تضمن بالمثل، بل بالقيمة.
ولو قهر أهل الحرب المكاتب على نفسه مدة ثم أفلت؛ فلا يمكن إيجاب الأجرة ههنا.
وهل تجب تخليته تلك المدة؟
قيل ههنا: لا يجب؛ لأنه لم يكن الحبس من جهة المولى.
والصحيح: أنه لا فرق بين الحالين لأنه فات ما استحق بالعقد؛ فلا فرق بين أن يكون بتفريط، وغير تفريط؛ كالمبيع إذا هلك في يد البائع.