أحدهما: يجوز؛ لأنه يملك استيفاءه لنفسه، فيملك الإبراء عنه؛ كالسيد [ويعتق].
والثاني: لا يجوز؛ لأن الموصى له ليس بخليفة الميت، والمكاتب لا يعتق إلا بأداء النجوم، أو بإبراء من المولى أو نائبه.
ولو أوصى لرجل بما في ذمة مكاتبه، ولآخر برقبته إذا عجز: صحت الوصيتان، ثم ينظر في العبد: فإن أدى مال الكتابة: عتق، وكان ذلك المال للموصى له بما في الذمة، وتبطل وصية الآخر.
وإن عجز نفسه: سلمت الرقبة على الموصى له بالرقبة، وبطلت الوصية الأخرى.
ولو قال: أوصيت لك بما يعجله مكاتبي من مال الكتابة: فإن عجل شيئاً مما عليه: دفع إلى الموصى له، وإن لم يعجل، بل أدى الكل: بطلت الوصية.
أما إذا كانت الكتابة فاسدة، فأوصى بنجومه لإنسان: لا يصح؛ لأنه لو أداه إلى السيد لا يملك السيد؛ بل هو كوجود الصفة في التعليق.
ولو أوصى برقبته لإنسان: نظر: إن كان عالماً بفساد الكتابة: يصح.
كما لو باعه مع العلم بفساد الكتابة: يصح]؛ هذا هو المذهب، وقيل: هو كما لو كان جاهلاً بفسادها: ففيه قولان:
أحدهما: لا تصح؛ لأن اعتقادهما أنه وصية باطلة.
والثاني: وهو اختيار المزني: تصح اعتباراً بحقيقة الحال؛ وكذلك: لو باع بيعاً فاسداً، ثم أوصى بالمبيع لإنسان، وهو جاهل بفساد البيع: ففي صحة الوصية قولان.
ولو باع المكاتب كتابة فاسدة؛ أو المبيع بيعاً فاسداً، أو الموهوب هبة فاسدة، أو وهبه، أو رهنه، وهو جاهل بفسادها- اختلف أصحابنا فيه.
منهم من قال: هو على هذين القولين.
ومنهم من قال: القولان في الوصية.
أما البيع والرهن: فباطلان قولاً واحداً؛ لأن الوصية تقبل من الغرر ما لا يقبله البيع والرهن.