وعند أبي حنيفة: لا يلزم الظهر بإدراك وقت العصر، ولا المغرب بإدراك وقت العشاء، وإنما تجب عليه الصلاة بعد زوال العذر إذا امتدت سلامة الحال إلى أن يمضي إمكان فعل الطهارة والصلاة.
فإن زال العذر في وقت العصر، ثم عاوده العذر؛ بأن أفاق مجنون، ثم عاوده الجنون، أو بلغ صبي ثم جن أو طهرت حائض ثم جنت، أو أفاقت مجنونة ثم حاضت، نظر: إن عاوده العذر بعد إمكان ثماني ركعات تلزمه صلاة الظهر والعصر. ولو عاوده قبل إمكان أربع ركعات، لا تلزمه الصلاة، وإن عاوده بعد إمكان أربع ركعات، تلزمه صلاة العصر دون الظهر، إلا أن يكون مسافراً؛ فتلزمه الصلاتان لإمكان القصر، وإن زال العذر في وقت العشاء، ثم عاوده بعد إمكان أربع ركعات تلزمه صلاة العشاء.
قال الشيخ: ولا تلزمه المغرب؛ لأنه لم يدرك إمكان الصلاتين، والوقت لصلاة العشاء، فهو أولى بالوجوب. وإن عاوده بقدر إمكان ثلاث ركعات. قال الشيخ رضي الله عنه: يجوز أن تلزمه صلاة المغرب؛ فإنه لم يصر مستحقاً للعشاء وكان يتوقف فيه القاضي رحمه الله؛ لأن المغرب إنما لزم تبعاً للعشاء، فإذا لم تلزمه العشاء لم يلزمه المغرب.
والإغماء كالجنون، في أنه إذا استغرق جميع وقت العذر، والضرورة تمنع وجوب الصلاة.
وعند أبي حنيفة: لا تسقط الصلاة بالإغماء ما لم يزد على يوم وليلة.
فأما إذا أدرك شيئاً من أول الوقت، ثم جن أو أغمي عليه، أو حاضت المرأة، نظر: إن كان بعد مضي إمكان فعل الصلاة، يستقر عليه الفرض؛ حتى لو شرع في الصلاة في أول الوقت، وطول القراءة، فجن في خلالها، أو حاضت المرأة. ولو خفف القراءة أمكنه إتمامها- يلزمه القضاء. ولو أدرك من أول وقت الظهر مقدار ركعتين؛ وهو مسافر- لزمته الصلاة؛ لأنه لو قصر أمكنه أداؤها.
ولو أدرك أكثر من وقت الظهر، لا يلزمه العصر، أو أدرك أكثر وقت المغرب، لا تلزمه العشاء لأنه لم يمكنه أداء العصر والعشاء في هذا الوقت؛ غلاف ما لو أدرك وقت الثانية، تلزمه الأولى، ولو كان مسافراً، لا تلزمه الثانية بإدراك وقت الأولى وإن أمكنه الجمع؛ لأن الجمع رخصة لا تلزم. ولو شرب مسكراً، أو زال عقله، أو شرب دواء؛ فزال عقله وهو عالم بأنه يزيل العقل- يلزمه قضاء الصلوات والصوم الذي فاته وأقل زوال