للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك اقتصر القزويني "العزيز شرح الوجيز" إلى "الحاوي الصغير" فنظمه ابن الوردي في بهجته، فشرحها شيخ الإسلام بشرحين، فأتى ابن المقري فاختصر "الحاوي الصغير" إلى "الإرشاد"، فشرحه ابن حجر بشرحين.

قال ابن حجر (رحمه الله تعالى) في أثناء كلام من ذيل تحرير المقال: وقولهم: إنه منذ صنف الإمام كتابه "النهاية" الذي هو شرحه لمختصر المزني الذي رواه من كلام الشافعي (رضي الله عنه) وهي في ثمانية أسفار حاوية لم يشتغل الناس إلا بكلام الإمام؛ لأن تلميذه الغزالي اختصر النهاية المذكورة في مختصر مطول حافل، وسماه "البسيط"، واختصره في أقل منه وسماه "الوسيط"، واختصره في أقل منه وسماه "الوجيز"، فجاء الرافعي وشرح الوجيز شرحاً مختصراً، ثم شرحاً مبسوطاً ما صنف في مذهب الشافعي مثله، وأسفاره نحو العشرة غالباً، ثم جاء النووي واختصر هذا الشرح ونقحه وحرره واستدرك على كثير من كلامه مما وجده محلاً للاستدراك، وسمى هذا المختصر "روضة الطالبين" وأسفاره نحو أربعة غالباً، ثم جاء المتأخرون بعده فاختلفت أغراضهم.

فمنهم المحشون وهم كثيرون، أطالوا النفس في ذلك حتى بلغت حاشية الإمام الأذرعي التي سماها "التوسط بين الروضة والشرح" إلى فوق الثلاثين سفراً؛ كما رأيتها في نسخة كانت عندي، وكذلك الأسنوي حشى، وابن العماد، والبلقيني، وهؤلاء هم فحول المتأخرين بالمحل الأسنى، ثم جاء تلميذ هؤلاء الأربعة: الأسنوي والأذرعي وابن العماد والبلقيني، فجمع ملخص حواشيهم في كتابه المشهور، وسماه "خادم الروضة" وهو في نحو العشرين سفراً، ووقع لجماعة أنهم اختصروا الروضة ومنهم المطول ومنهم المختصر؛ كـ"الروض" للشرف المقري، فأقبل الناس على تلك المختصرات، فلما ظهر "الروض" رجع أكثر الناس إليه؛ لمزيد اختصاره وتحرير عباراته. ثم جاء شيخنا شيخ الإسلام فشرحه شرحاً حسناً جداً، وآثر فيه الاختصار؛ فانثال الناس عليه، إلى أن جاء صاحب "العباب" أحمد بن عمر المزجد الزبيدي فاختصر "الروضة" وضم إليها من فروع المذهب ما لا يحصى، ثم شرحته شرحاً مبيناً محاسنه وقد وصلت فيه إلى باب الوكالة، فأقبل عليه الذين تيسرت لهم تلك القطعة من الشرح، وكذلك اختصر صاحب "الحاوي الصغير" الشرح الكبير اختصاراً لم يسبق إليه؛ فإنه جمع حاصل المقصود منه في ورقات نحو ثمن جزء من أجزائه العشرة، فأذعن له أهل عصره أنه في بابه ما صنف مثله، فأكب الناس عليه حفظاً وشروحاً، ثم نظمه صاحب البهجة، فأكبوا عليها حفظاً وشروحاً؛ كذلك إلى أن جاء الشرف المقري صاحب "الروض" فاختصره في أقل منه بكثير وسماه "الإرشاد"، فأكب الناس عليه حفظاً وشروحاً؛ وبحمد الله لي عليه شرحان أهـ. المقصود.

<<  <  ج: ص:  >  >>