معناه إلا بعد الإطلاع على مأخذه، بل فيها في مواضع كثيرة الإيجاز المخلّ يظهر ذلك لمن مارس مطالعتها مع الحواشي، فلا يأمن المفتي من الوقوع في الغلط إذا اقتصر عليها، فلا بد له من مراجعة ما كتب عليها من الحواشي أو غيرها، ورأيت في حاشية أبي السعود الأزهري على شرح منلا مسكين أنه لا يعتمد على فتاوى ابن نجيم ولا على فتاوى الطوري أهـ كلام ابن عابدين أيضاً بالحرف.
ذِكْرُ شَيْءٍ مِن اصْطِلاَح الْفُقَهَاءِ فِي عِبَارَاتِهِمْ، وَمَا أَوْدَعُوهُ في طَيِّ إِشَارَاتِهِمْ
وَفِي تَعْرِيفِ اصْطِلاَح الإِمَامِ شَيْخِ الْمَذْهَبِ يَحْيى الْنَّوَويِّ (رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى)
فِي الْمِنْهَاجِ وَاتِّبَاعِ الْكَثِيرِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الانْتِهَاجِ
اعلم: أن الاصطلاح هو اتفاق طائفة على أمر مخصوص بينهم؛ فحيث قالوا: الإمام، يريدون به: إمام الحرمين الجويني بن أبي محمد.
وحيث يطلقون "القاضي" يريدون به: القاضي حسيناً، أو القاضيين فالمراد بهما: الروياني والماوردي.
وإذا أطلقوا "الشارح" معرفاً أو "الشارح المحقق" يريدون به: الجلال المحلي شارح المنهاج؛ حيث لم يكن لهم اصطلاح بخلافه، وإلا كالشارح في شرح الإرشاد؛ حيث أطلق الشارح يريد به: الجوجري شارح الإرشاد.
وإن قالوا "شارح" فالمراد به واحد من الشراح لأيّ كتاب كان كما هو مفاد التنكير، ولا فرق في ذلك بين التحفة وغيرها كما أوضحت ذلك في غير هذا المحل، خلافاً لمن قال: إنه يريد: شهبة.
وحيث قالوا: قال بعضهم أو نحوه، فهو أعم من شارح.
وحيث قالوا: قال الشيخان ونحوه، يريدون بهما: الرافعي والنووي، أو: الشيوخ، فالمراد بهم: الرافعي والنووي فالسبكي.
وحيث قال: "الشارح شيخنا" يريد به: شيخ الإسلام زكريا، وكذلك الخطيب الشربيني وهو مراد الجمال الرملي بقوله: "الشيخ".
وإن قال الخطيب: "شيخي" فمراده: الشهاب الرملي، وهو مراد الجمال بقوله: أفتى به الوالد ونحوه.
وإذا قالوا: لا يبعد كذا، فهو احتمال.