بعدها فيتعين الفتح؛ كما إذا وقع بعد أسباب التضعيف فيتعين الكسر أهـ.
قال شيخنا: الاختيار هو الذي استنبطه المختار عن الأدلة الأصولية بالاجتهاد، أي: على القول بأنه يتحرى وهو الأصح من غير نقل له من صاحب المذهب، فحينئذٍ يكون خارجاً عن المذهب ولا يعوّل عليه، وأما المختار الذي وقع للنووي في الروضة فهو بمعنى الأصح في المذهب لا بمعناه المصطلح اهـ كلام العليجي رحمه الله تعالى.
وأما تعبيرهم بوقع لفلان كذا، فإن صرحوا بعده بترجيح أو تضعيف - وهو الأكثر - فذاك، وإلا حكم بضعفه كما حقق ذلك شيخنا خاتمة المحققين مفتي الديار اليمنية السيد محمد بن أحمد بن عدب الباري، والإمام العلامة السيد سليمان بن محمد بن عبد الرحمن مفتي زبيد في جواب سؤال قدمته إليهما في ذلك ضمن أسئلة بعد أن فتشت على نقل في ذلك فلم أظفر به، وفي "مطلب الإيقاظ": سئل العلامة الشريف عمر بن عبد الرحيم الحسيني المكي عن قول المصنفين: كذا في أصل الروضة كأصلها أو أصلها، ما المراد بما ذكر؟ فأجاب: بخط بعض الأئمة المحققين من تلامذة شيخ الإسلام زكريا بهامش نسخته الغرر لشيخه ما حاصله: أنه إذا قال قال: في أصل الروضة، فالمراد منه عبارة النووي في الروضة التي لخصها واختصرها من لفظ العزيز، رفع هذا التعبير بصحة نسبة الحكم إلى الشيخين، وإذا عزى الحكم إلى زوائد الروضة فالمراد منه زيادتها على ما في العزيز، وإذا أطلق لفظ الروضة فهو محتمل لتردّده بين الأصل والزوائد، وربما يستعمل بمعنى الأصل؛ كما يقضي به السبر، وإذا قيل: كذا في الروضة وأصلها، أو كأصلها، فالمراد بالروضة ما سبق التعبير بأصل الروضة وهي عبارة الإمام النووي الملخص فيها لفظ "العزيز" في هذين التعبيرين، ثم بين التعبيرين المذكورين فرق؛ وهو إذا أتى بالواو فلا تفاوت بينهما وبين أصلها في المعنى وإذا أتى بالكاف فبينهما بحسب المعنى يسير تفاوت، وهذا الذي أشار إليه هذا الإمام يقضي به سبر صنيع أجلاء المتأخرين من أهل الثامن والعشرين ومن داناهم من أوائل العشائر وأما من عداهم فلا التزم وجود هذا الصنيع في مؤلفاتهم لا عرض فيها من التساهل في ذلك بل في ما هو أهم منه بتحرير الخلاف، والله أعلم أهـ.
وقوله:"نقله فلان عن فلان وحكاه فلان عن فلان" - بمعنى واحد؛ لأن نقل الغير هو حكاية قوله، إلا أنه يوجد كثيراً مما يتعقب الحاكي قول غيره بخلاف الناقل له؛ فإن الغالب تقريره والسكوت عليه؛ كما أفاد ذلك العلامة عبد الله بن أبي بكر الخطيب، والسكوت في مثل هذا رضا من الساكت؛ حيث لم يعترضه بما يقتضي ردّه؛ إذ قولهم: سكت عليه، أي: ارتضاه، وقولهم: أقرّه فلان، أي: لم يرده، فيكون كالجازم به.
ومن فتاوى العلامة عبد الله بن أحمد بازرعة: والقاعدة أنّ من نقل كلام غيره وسكت عليه فقد ارتضاه.