وإنما اختاروا في الأول التفعيل وفي الآخرين الأفعال؛ لعلة الإجمال؛ لأن تنزيل الأعلى مكان الأدنى يحوج إلى العلاج والتدريج، وربما يختم المبحث بنحو "تأمل"، فهو إشارة إلى دقة المقام مرة وإلى خدش فيه أخرى، سواء كان بالفاء أو بدونها أهـ إلا في مصنفات الإمام البوني، فإنها بالفاء إلى الثاني وبدونها إلى الأول.
والفرق بين "تأمل" و"فتأمل" و"فليتأمل"- أن "تأمل" إشارة إلى الجواب القوي، و"فتأمل" إلى الضعيف، و"فليتأمل" إلى الأضعف؛ ذكره الدماميني.
وقيل: معنى "تأمل" أن في هذا المحل دقة، ومعنى "فتأمل" أن في هذا المحل أمراً زائداً على الدقة بتفصيل، و"فليتأمل" هكذا مع زيادة بناء على أن كثرة الحروف تدل على كثرة المعنى.
"وفيه بحث" معناه أعمّ من أن يكون في هذا المقام تحقيق أو فساد، فيحمل عليه على المناسب للحمل، و"فيه نظر" يستعمل في لزوم الفساد، وإذا كان السؤال أقوى يقال: و"القائل" فجوابه "أقول" أو تقول بإعانة سائر العلماء، وإذا كان ضعيفاً يقال: فإن قلت فجوابه قلنا أو قلت، وقيل:"فإن قلت" بالفاء سؤال عن القريب، وبالواو عن البعيد، و"قيل" يقال فيما فيه اختلاف، و"قيل فيه" إشارة إلى ضعف ما قالوا محصل الكلام إجمال بعد التفصيل.
و"حاصل الكلام" تفصيل بعد الإجمال، و"التعسف" ارتكاب ما لا يجوز عند المحققين، وإن جوّزه بعضهم، ويطلق على ارتكاب ما لا ضرورة فيه والأصل عدمه، وقيل: حمل الكلام على معنى لا تكون دلالته عليه ظاهرة، وهو أخف من البطلان، و"التساهل" يستعمل في كلام لا خطأ فيه ولكن يحتاج إلى نوع توجيه تحتمله العبارة، ولا نصب قرينة دالة عليه؛ اعتماداً على ظهور الفهم من ذلك المقام و"التحمل" الاحتيال وهو الطلب، و"التأمل" هو إعمال الفكر، و"التدبر" تصرف القلب بالنظر في الدلائل، والأمر بالتدبر بغير فاء للسؤال في المقام، وبالفاء يكون بمعنى التقرير والتحقيق لما بعده أهـ من كليات أبي البقاء.
والفرق بين "وبالجملة" و"في الجملة" أن "في الجملة" يستعمل في الجزئي و"بالجملة" في الكليات؛ كذا وجد بخط العلامة علوي بن عبد الله باحسن، وفي كليات أبي البقاء و"في الجملة" يستعمل في الإجمال، و"بالجملة" في التفصيل، وفي الصبان علي الأشموني و"جملة القول"، أي: مجمله، أي: مجموعه، فهو من الإجمال بمعنى الجمع ضدّ التفريق لا من الإجمال ضد التفصيل والبيان أهـ.