والثاني- وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، واختيار المزني-: لا يصلي من الغد، كصلاة الخسوف لا تقضى بعد الانجلاء. واحتج المزني- رحمه الله- بفصلين:
أحدهما: قال: لو جاز القضاء من الغد، لجاز اليوم بعد الزوال؛ لأنه أقرب إلى الوقت. والآخر: أنه لو جاز من الغد، لجاز بعد شهر. قلنا: أما اليوم بعد الزوال، ففيه وجهان:
أحدهما: إن أمكنه جمع الناس، يصلي اليوم بعد الزوال.
والثاني: لا يقضى إلا في ضحوة الغد؛ كالوقوف بـ "عرفة" إذا فات لا تقضى من الغد، إنما يقضى في مثل وقته من العام المقبل.
وأما بعد الغد إذا جوزنا القضاء؛ فهل يجوز أم لا؟ فيه قولان:
أصحهما: يجوز. وقد نص الشافعي على أن الإمام لو كان مشتغلاً بالجهاد أيام العيد، فإذا فرغ قضى.
والثاني: لا يقضي بعد الغد؛ لأن الغد يتصور أن يكون وقت الصلاة العيد بأن يخرج الشهر كاملاً.
أما إذا شهد الشهود بعد غروب الشمس من يوم الثلاثين لا تقبل شهادتهم كما لو شهدوا في اليوم الثاني؛ لأن شوَّال قد دخل يقيناً، وليس في قبول شهادتهم إلا المنع من صلاة العيد، وإبطال صوم قد مضى. وكذلك لو شهدوا يوم الثلاثين قبل الزوال، أو بعده، وصحت عدالتهما بعد غروب الشمس، ففيه قولان:
أصحهما: حكمه حكم ما لو شهدوا بعد الغروب، فلا يحكم به.
والثاني: حكمه حكم ما لو صحَّت عدالتهما بعد الزوال قبل الغروب؛ فهل يعيد من الغد؟ فيه قولان. والله أعلم.