ولو مات رجل؛ وليس هنا من يغسله إلا امرأة أجنبية، أو ماتت امرأة؛ وليس هناك إلا رجل أجنبي ففيه وجهان:
أحدهما: ييمم، ويدفن.
والثاني: يلف خرقة على يده، ويغسله في قميصه، ويغُضُّ طرفه ما أمكن. فإن لم يمكن إلا بالنظر يجوز؛ لأنه موضع ضرورة؛ كما يحل النظر إلى بدنها للمعالجة إذا كان بها علة.
وإذا مات مسلم فالمسلم الأجنبي أولى بغسله من أقاربه الكفار، وإن جوزنا للكافر غسل المسلم وإن مات مشرك؛ فأقاربه الكفار أولى بغسله من المسلمين، ولو غسله مسلم يجوز؛ فإن النبي- صلى الله عليه وسلم- أمر عليّاً بغسل أبيه أبي طالب. ويجوز إتباع جنازته ودفنه، ولكن لا يصلى عليه؛ لقول الله تعالى:{وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً}[التوبة: ٨٤].
وإذا مات ذمي، وليس له قريب يتولى أمره- لا يجب على المسلمين غسله، وهل يجب تكفينه ودفنه؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجب؛ كما يكسوه في حياته، ويطعمه.
والثاني: لا يجب.
والحربي لا يجب تكفينه؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- أمر بإلقاء قتلى بدر في القليب. وهل يجب مواراته؟ وجهان:
أحدهما: يجب؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- فعله.
والثاني: لا يجب؛ بل يجوز إغراء الكلاب عليه وكذلك المرتد. فإن تأذَّى به الناس يورى.