والآخر: حق البدن؛ وهو زكاة الفطر؛ فإنها طُهرة للصائم عن الرفث واللغو. وكذلك يجب على الأحرار؛ فلا يتداخلان كجزاء الصيد في الإحرام، والقيمة إذا كان الصيد مملوكاً لا يتداخلان.
وعند أبي حنيفة: لا تجب صدقة الفطر في رقيق التجارة.
"بابزكاة مال القراض"
إذا دفع ألف درهم قراضاً إلى رجل؛ حتى يتصرف فيها، ويكون الربح بينهما نصفين، فإذ حال أطول عليه، وفيه ربح، فزكاة رأس المال تكون على رب المال، وزكاة الربح على من تكون؟
هذا ينبني على أن العامل هل يملك نصيبه من الربح بنفس الظهور، أم لا؟ فيه قولان:
أحدهما: وبه قال أبو حنيفة -: يملك بنف سالظهور؛ لأنه شرط له نصف الربح، وقد حصل؛ كما في المساقاة يملك العامل نصيبه من الثمار بنفس الخروج.
والقول الثاني- وهو الأصح. وهو اختيار المزني -: لا يملك إلا بعد المُقاسمة؛ كما في الجعالة يستحق العامل الجعل بعد الفراغ من العمل؛ ولأنه لو ربح على الألف ألفاً، ثم خسر؛ حتى عاد إلى الألف - لا يكون للعامل فيه شيء. ولو ملك نصف الربح، وصار ربع المال له، لكان بالنقصان لا يبطل حقه عن ربع الباقي؛ لأن من ملك شيئاً زائداً ملكه ناقصاً؛ كما لو مات رجل عن زوجة وأخ، كانت التركة بينهما أرباعاً؛ فلو هل أكثر التركة، لا يبطل حق الزوجة عن ربع الباقي؛ وكما في المساقاة، لو هلك بعض الثمرة، لا يبطل حق العامل عن الباقي؛ فلما سقط هاهنا حق العامل بهلاك الربح، دل أنه لم يملك شيئاً منه.
فإن قلنا: لا يمل إلا بعد المُقاسمة، فزكاة الجميع تكون على المال، وحق الربح ينبني على حول الأصل، ثم إذا أخرج الزكاة من مال القراض فما حكم المخرج؟ فيه وجهان:
أصحهما: يحتسب من الربح؛ كالمؤن التي تلزم المال من أجرة الدلال والكيال.
وقد نص الشافعي - رحمه الله - على أن صدقة فطر عبيد القراض تكون من مؤن المال.
والوجه الثاني: يجعل؛ كأنه استرد طائفة من المال؛ فيكون من الربح، ورأس المال جميعاً؛ حتى إن كان رأس المال ألفاً والربح خمسمائة؛ فيكون ثلثا المخرج من رأس المال وثلثه من الربح، والوجهان يبنيان؛ على أن الزكاة تتعلق بالعين، أو بالذمة. إن قلنا: يتعلق