وعند أبي حنيفة: يجب على المسلم فطرة عبده الكافر، وهل يجب على الكافر فطرة عبده المسلم وأم ولده المسلمة؟ إن قلنا: الوجوب يُلاقي المولى، لا يجب.
وإن قلنا: يلاقي العبد، ثم يتحمل عنه المولى، يجب.
وقيل: في وجوب فطرة المسلم على قريبه الكافر قولان، كالعبد المسلم.
ولو تكلف من وجبت فطرته على قريبه، فأخرجها من موضع آخر بغير إذن من عليه، أو أخرجت المرأة فطرتها دون إذن الزوج - هل يجوز أم لا؟
إن قلنا: الوجوب يلاقيها، ثم يتحمل الزوج والقريب، يجوز؛ لأنهما أخرجا ما وجبت عليهما.
وإن قلنا: يلاقي الزوج والقريب، لا يجوز؛ كما لو أخرج زكاة ماله عنه بغير إذنه.
وإذا أهل شوال، وله أب معسر فقبل أن يخرج الابن فطرته أيسر الأب - إذا قلنا: الوجوب يلاقي الأب، فعليه فطرة نفسه، ولا يجب على الابن. وإن قلنا: يلاقي الابن ابتداء، فعلى الابن فطرة الأب.
"فصلٌ: فيمن لا يلزمه إخراج صدقة الفطر"
من لم يفضل عن قوته وقوت عياله، ومن تلزمه نفقته لليلة الفطر ويومه - شيء - لا يجب عليه فطرته وفطرة غيره. وإن فضل قدر صاع من أي جنس من المال، كان عليه فطرة نفسه، ولا يجب فطرة غيره؛ حتى لو أخرج ذلك الصاع عن غيره، يكون فرضه في ذمته. فإن فضل عن قوته بعض صاع، هل يلزمه إخراجه؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يلزمه؛ كما في الفارة إذا وجد نصف رقبة، لا يجب إعتاقه.
والثاني- وهو الأصح -: يلزمه إخراجه؛ لأن صدقة الفطر تتبعض؛ كما لو مل نصف عبد، يلزمه بسببه نصف صاع، والكفارة لا تتبعض.
ولو كان له عبد محتاج إلى خدمته، هل يباع بعضه في صدقة الفطر عن العبد، وعن نفسه؟ فيه وجهان:
أصحهما: لا، وهو كالمعدوم؛ كما في الكفارة.
والثاني: يباع؛ كما يباع في الدين؛ بخلاف الكفارة، فإن لها بدلاً. والأول أصح؛ فإن الشافعي نص على أنه لو كان لابنه الصغير عبدٌ، وهو محتاج إلى خدمته - يجب على الأب نفقه ذلك العبد وفطرته.