للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يحل به الدين؛ لأن هذه الأشياء تثبت بقول الواحد.

فإن قلنا: تثبت بقول الواحد، فيشترط أن يكون ذلك الرجل عدلاً، ولا يثبت بقول صبي، ولا فاسق. وهل يثبت بقول عبد، أو امرأة؟ فيه وجهان:

أحدهما: يثبت؛ لأن ما يثبت بقول الواحد، يقبل فيه قول العبد والمرأة؛ كما في رواية الأخبار، وهذا طريقه الخبر؛ لأن هذا أمر يستوي فيه المخبر والمخبر، والشهادة ما يكون الشاهد منه بريئاً.

والثاني - وهو الأصح -: لا يثبت؛ لأنها شهادة فرع؛ بدليل أنه يشترط فيه لفظ الشهادة، ولاتقبل من شاهد الفرع مع حضور شاهد الأصل؛ بخلاف الأخبار؛ فنه لو روي خبراً عن حاضر يسمع، ولا يقبل من المراهق، وروايته مسموعة؛ على أحد الوجهين.

وهل يثبت الهلال بالشهادة على الشهادة؟ فيه قولان؛ كالحدود.

وقيل: يثبت قولاً واحداً؛ لأنه لا يسقط بالشبهة؛ بخلاف الحدود؛ كما تثبت الحقوق المالية التي هي لله - عز وجل - مثل الزكاة، وإتلاف بواري المسجد وغيرها.

فإن قلنا: تثبت، فما حكم عدد الفرع؟

إن قلنا: لا يثبت الأصل إلا بعدلين، فحكم شهود الفرع في العدد حكم سائر الشهادات. وإن قلنا: يثبت الأصل برجل واحد.

فإن قلنا: طريقه طريق الأخبار، ففيه وجهان:

أحدهما: يقبل من واحد؛ كالرواية تُقبل من واحد عن واحد.

والثاني - وهو الأصح-: لا تُقبل إلا من اثنين؛ لأنه ليس بخبر من كل وجه؛ بدليل أنه لا يقبل فيه: أخبرني فلان عن فلان؛ أنه رأى الهلال؛ حتى يقول: أشهد على شهادة فلان.

وإن قلنا: ليس طريقه طريق الأخبار، فلابد من رجلين يشهدان على شهادة شاهد الأصل، ولو شهد عدلان على رؤية هلال رمضان، فصام الناس بشهادتهما ثلاثين يوماً، ولم يروا الهلال ليلة الحادي والثلاثين - يجب عليهم أن يفطروا من الغد، سواء كانت السماء مصحية أو مغيمة.

وغلط ابن الحداد؛ حيث قال: إن كانت السماء مصحية، يجب عليهم أن يصوموا.

أما إذا شهد واحد على هلال رمضان، وقلنا: يحكم به، فصاموا ثلاثين يوماً، ثم لم يروا الهلال - نظر: إن كانت السماء مغيمة، فعليهم أن يفطروا من الغدو إن كانت مصحية، ففيه وجهان.

<<  <  ج: ص:  >  >>