فلو جامع في ذلك اليوم بعد البلوغ، تجب الكفارة عليه، ولو جامع قبل البلوغ؛ فلا كفارة عليه؛ بخلاف المراهق إذا جامع في الحج يجب عليه الفدية؛ لأن المال في الحج ألزم؛ ولذلك قلنا: إذا جامع ناسياً يفسد حجه في قول، وفي الصوم لا يبطل.
وإن لم يكن قد نوى الصوم من الليل؛ أكل أو لم يأكل، هل يلزمه قضاء ذلك اليوم؟ فيه قولان:
أحدهما: يلزمه؛ كما تلزمه الصلاة إذا أدرك شيئاً من الوقت.
والثاني: لاتلزمه؛ بخلاف الصلاة؛ لأنه يمكنه الشروع في الصلاة في الوقت، ولا يمكنه الشروع في الصوم في الوقت؛ فهو كما لو زال العذر بعد ذهاب الوقت لا يلزمه القضاء.
أما المجنون إذا أفاق في خلال النهار، هل يجب عليه قضاء ذلك اليوم؟ قيل: فيه قولان؛ كالصبي.
وقيل: لا يجب هاهنا قولاً واحداً؛ لأنه لم يكن مأموراً بالصوم في أول النهار، والصبي كان مأموراً به.
ولو أسلم كافر في خلال النهار، هل يجب عليه قضاء ذلك اليوم؟
قيل: فيه قولان؛ كالصبي. وقيل: يجب قولاً واحداً؛ لأنه كان مخاطباً بالصوم في أول النهار. بخلاف الصبي؛ فإنه لم يكن مخاطباً.
أما إذا أغمي على الرجل أياماً من رمضان، أو جميع الشهر؛ فإذا أفاق، لزمه القضاء؛ بخلاف المجنون؛ لأن الجنون يزيل العقل؛ فزال عنه الخطاب، والاغماء لا يزيل العقل، بل يغشيه؛ فهو كالمرض؛ ولذلك يجوز الإغماء على الأنبياء عليهم السلام، ولا يجوز الجنون عليهم.
وقال ابن سريج: الاغماء كالجنون؛ في أنه إذا استغرق النهار لا يجب القضاء؛ كما في الصلاة يستوي الإغماء والنون في إسقاط القضاء إذا استغرق الوقت.
قلنا: إنما فرقنا بين الصلاة والصوم في الإغماء؛ لأن الصلوات تتكرر في الأيام، وربما يمتد زمان الإغماء؛ فيشق عليه القضاء، والصوم لا يتكرر في السنة، فلا يشق عليه القضاء ما فات منه، ولذلك أوجبنا قضاء الصوم على الحائض، ولم نوجب قضاء الصلاة.
وعلى المغمي عليه القضاء؛ فإن نوى من الليل، ثم أغمي عليه في النهار، هل يبطل صومه نص في الصوم على أنه إذا كان مفيقاً في جزء من النهار، يصح صومه.
وقال في الظهار: إذا كان مفيقاً حالة طلوع الفجر، صح صومه.
وقال في "اختلاف الحديث": إذا حاضت المرأة، أو أغمي عليها، يبطل صومها؛ ففيه