للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَقَالَ: «نُورٌ أَنَّى أرَاهُ؟».

(٧٥) حَدَّثَنَا الحَوْضِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عبد اللهِ بن شَقِيق، عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - (١).

فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: ١٠٣] فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَحِينَ سُئِلَ عَنْ رُؤْيَتِهِ فِي المَعَادِ قَالَ: «نَعَمْ، جَهْرَةً كَمَا تَرَى الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لَيْلَةَ البَدْرِ»، فَفَسَّرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المَعْنَيَيْنِ عَلَى خِلَافِ مَا ادَّعَيْتَ.

وَالعَجبُ مِنْ جَهْلِكَ بِظَاهِرِ لَفْظِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِذْ تَتَوَهَّمُ فِي رُؤْيَةِ الله جَهْرَةً كَرُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ، ثُمَّ تَدَّعِي أَنَّهُ مِنْ تَوَهُّمِ مَنْ سَمَّيْتَهُمْ بِجَهْلِكَ مُشَبِّهَةً، فَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي دَعْوَاكَ أَوَّلُ المُشَبِّهِينَ؛ إِذْ شَبَّهَ رُؤْيَتَهُ بِرُؤْيَةِ الشَّمْس وَالقَمَر، كَمَا شَبَّهَهُ هَؤُلَاءِ المُشَبِّهُونَ فِي دَعْوَاكَ.

وَأَمَّا أُغْلُوطَتُكَ الَّتِي غَالَطْتَ بِهَا جُهَّالَ أَصْحَابِكَ فِي رُؤْيَة الله تَعَالَى يَوْمَ القِيَامَةِ، فَقُلْتَ: أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْمَ مُوسَى حِينَ قَالُوا: {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [النساء: ١٥٣] أَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ، وَقَالُوا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة: ٥٥] فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ، وَقَالُوا: {أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (٢١)} [الفرقان: ٢١]، فَادَّعَيْتَ أَنَّ الله أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَعَابَهُمْ بِسُؤَالِهِمُ الرُّؤْيَةَ.

فَيُقَالَ لِهَذَا، [٢٠/و] المَرِيسِيِّ: تَقْرَأُ كِتَابَ اللهِ، وَقَلْبُكَ غَافِلٌ عَمَّا يُتْلَى عَلَيْكَ؟ أَلَا تَرَى أَنَّ أَصْحَابَ مُوسَى سَأَلُوا مُوسَى رُؤْيَةَ الله فِي الدُّنْيَا إلحَافًا، فَقَالُوا: ... {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة: ٥٥]؟ وَلَم يَقُولُوا: حَتَّى نَرَى الله فِي


(١) صحيح، رجاله ثقات، أخرجه مسلم (١٧٨)، والترمذي (٣٢٨٢)، وأحمد (٢١٣٩٢، ٢١٥٢٧)، وغيرهم من طريق يزيد بن إبراهيم، به.

<<  <   >  >>