للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَتَرَاءَى فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَهَا فَيَعْرِفُوْنَهُ، فَيَتَّبِعُونَهُ».

فَزَعَمْتَ أَيُّهَا المَرِيسِيُّ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِهَذَا فَهُوَ مُشْرِكٌ.

يُقَالُ لَهُمْ: أَلَيْسَ قَدْ عَرَفْتُمْ رَبَّكُمْ فِي الدُّنْيَا، فَكَيْفَ جَهِلْتُمُوهُ عِنْدَ العَيَانِ وَشَكَكْتُمْ فِيهِ؟

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَيُقَالُ لَكَ أَيُّهَا المَرِيسِيُّ: قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -

مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ.

(٨٣) حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ - رضي الله عنهما -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - (١).

كَأَنَّكَ تَسْمَعُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ جَوْدَةٍ- يَقُولُهُ، فَاحْذَرْ أَنْ لَا يَكُونَ قَذْفُكَ بِالشِّرْكِ أَنْ يَقَعَ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَمَا ذَنْبُنَا إِنْ كَانَ اللهُ قَدْ سَلَبَ عَقْلَكَ حَتَّى جَهِلْتَ مَعْنَاهُ؟

وَيْلَكَ! إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَكٍّ وَارْتِيَابٍ مِنْهُمْ، وَلَوْ أَنَّ اللهَ تَجَلَّى لَهُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فِي صُورَتِهِ الَّتِي عَرَّفَهُمْ صِفَاتَهَا فِي الدُّنْيَا لَاعْتَرَفُوا بِمَا عَرفُوا، وَلم يَنْفِرُوا، وَلَكِنَّهُ يُرِي نَفْسَهُ فِي أَعْيُنِهِمْ، لِقُدْرَتِهِ وَلُطْفِ رُبُوبِيَّتِهِ فِي صُورَةٍ غَيْر ما عَرَّفَهُم اللهُ صِفَاتَهَا فِي الدُّنْيَا، لِيَمْتَحِنَ بِذَلِكَ إِيمَانَهُمْ ثَانِيَةً فِي الآخِرَةِ، كَمَا امْتَحَنَ فِي الدُّنْيَا ليثبتهم أَنَّهُمْ لَا يَعْتَرِفُونَ بِالعُبُودِيَّةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلَّا لِلْمَعْبُودِ الَّذِي عَرَفُوهُ فِي الدُّنْيَا بِصِفَاتِهِ، الَّتِي أَخْبَرَهُمْ بِهَا فِي كِتَابِهِ، وَاسْتَشْعَرَتْهَا قُلُوبُهُمْ حَتَّى مَاتُوا عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا مُثِّلَ فِي أَعْيُنِهِمْ غَيْرُ مَا عَرَفُوا مِنَ الصِّفَةِ؛ نَفَرُوا وَأَنْكَرُوا، إِيمَانًا مِنْهُمْ بِصَفَةِ رُبُوبِيَّتِهِ الَّتِي امْتَحَنَ قُلُوبَهُمْ فِي الدُّنْيَا، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ إِلَّا


(١) تقدم تخريجه برقم (٢١، ٧١).

<<  <   >  >>