للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(٩٦) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، أبنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ خَلِيفَةَ قَالَ: أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: ادْعُ اللهَ أَنْ يُدْخِلَنِي الجَنَّةَ، فَعَظَّمَ الرَّبَ. فَقَالَ:

«إِنَّ كُرْسِيَّهُ وَسِعَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، وَإِنَّهُ لَيَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَمَا يَفْضَلُ مِنْهُ إِلَّا قَدْرُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ، وَمَدَّ أَصَابِعَهُ الأَرْبَعَ، وَإِنَّ لَهُ أَطِيطًا كَأَطِيطِ الرَّحْلِ الجَدِيد إِذْا رَكِبَهُ مَنْ يُثْقِلُهُ» (١).


(١) أخرجه الطبري في التفسير (٤/ ٥٤٠)، وعبد الله بن أحمد في السنة (٥٩٣)، وأبو الشيخ في العظمة (٢/ ٦٥٠)، والخطيب في تاريخ بغداد (٨/ ٥٨٩)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (١/ ٤)، وغيرهم، من طرق عن إسرائيل بن أبي إسحاق، به.
وأخرجه الطبري (٤/ ٥٤٠)، وابن أبي عاصم في السنة (٥٧٤)، وأبو الشيخ في العظمة (٢/ ٥٤٨)، وابن بطة في الإبانة (٣/ ١٧٨)، وغيرهم، من طريق إسرائيل، عن، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، عن عمر بن الخطاب، قال: أتت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - امرأةٌ، فذكره. ورواه الضياء في المختارة (١٥٤)، من طريق شعبة عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، عن عمر بن الخطاب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه.
قلت: وقد اختلفوا فيه بين مصحح له، ومضعف.
قال ابن الجوزي في العلل المتناهية: «هذا حديث لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإسناده مضطرب جدا وعبد الله بن خليفة ليس من الصحابة فيكون الحديث الأول مرسلا ...» ثم ذكر الاختلاف في ألفاظه.

وقال الإمام الذهبي في العرش (٢/ ١٥٣): «هذا حديث محفوظ من حديث أبي إسحاق السبيعي إمام الكوفيين في وقته، سمع من غير واحد من الصحابة، وأخرجا حديثه في الصحيحين، وتوفي سنة سبع وعشرين ومائة. تفرد بهذا الحديث عن عبد الله بن خليفة من قدماء التابعين، لا نعلم حاله بجرح ولا تعديل، لكن هذا الحديث حدث به أبو إسحاق السبيعي مقرًا له كغيره من أحاديث الصفات، وحدث به كذلك سفيان الثوري، وحدث به أبو أحمد الزبيري، ويحي بن أبي بكير، ووكيع، عن إسرائيل. وأخرجه أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب (السنة والرد على الجهمية) له، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الله ابن خليفة، عن = ... = عمر - رضي الله عنه -، ولفظه {إذا جلس الرب على الكرسي، سمع له أطيط كأطيط الرحل الجديد}. ورواه أيضا عن أبيه، حدثنا وكيع بحديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، عن عمر {إذا جلس الرب على الكرسي} فاقشعر رجل سماه أبي عند وكيع، فغضب وكيع، وقال: أدركنا الأعمش وسفيان يحدثون بهذه الأحاديث ولا ينكرونها.
قلت -يعني الذهبي-: وهذا الحديث صحيح عند جماعة من المحدثين، أخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في صحيحه، وهو من شرط ابن حبان فلا أدري أخرجه أم لا؟، فإن عنده أن العدل الحافظ إذا حدث عن رجل لم يعرف بجرح، فإن ذلك إسناد صحيح. فإذا كان هؤلاء الأئمة: أبو إسحاق السبيعي، والثوري، والأعمش، وإسرائيل، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو أحمد الزبيري، ووكيع، وأحمد بن حنبل، وغيرهم ممن يطول ذكرهم وعددهم، الذين هم سُرُج الهدى ومصابيح الدجى قد تلقوا هذا الحديث بالقبول وحدثوا به، ولم ينكروه، ولم يطعنوا في إسناده، فمن نحن حتى ننكره ونتحذلق عليهم؟، بل نؤمن به ونكل علمه إلى الله - عز وجل - قال الإمام أحمد: (لا نزيل عن ربنا صفة من صفاته لشناعة شنِّعت وإن نَبَت عن الأسماع) فانظر إلى وكيع بن الجراح الذي خلف سفيان الثوري في علمه وفضله، وكان يشبه به في سمته وهديه، كيف أنكر على ذلك الرجل، وغضب لما رآه قد تلوَن لهذا الحديث.» ا. هـ
قلت: وقد آثرت أن أنقل كلام الإمام الذهبي على طوله، ولكن هذا كلام عزيز، وقاعدة جليلة ينبغي أن تراعى في الكلام على أحاديث الصفات، وما يتعلق بأمور العقيدة التي عمدتنا فيها أسلافنا الأوائل.

<<  <   >  >>