للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاتَّبَعُوا مَا فِيهِ، لِيُبَشِّرَ بِهِ المُؤْمِنِينَ وَنَفْسُ القُرْآنِ كَلَامٌ غَيْرُ مُجَسَّم فِي كُل أَحْوَاله، إِنَّمَا يُحَسُّ بِهِ إِذَا قُرِئَ، فَإِذا زَالَت عَنهُ القَرَأَةُ؛ لم يُوقَفْ لَهُ على جِسْمٍ وَلَا صُورَةٍ، إِلَّا أَنْ يُرْسَمَ بِكِتَابٍ. هَذَا مَعْقُولٌ لَا يَجْهَلُهُ إِلَّا كُلُّ جَهُولٍ. قَدْ عَلِمْتُمْ ذَلِكَ -إِنْ شَاءَ الله- وَلَكِنَّكُمْ تُغَالِطُونَ، وَالعُلَمَاءُ بِمُغَالَطَتِكُمْ عَالمون وَلِضَلَالَتِكُمْ مُبْطِلُونَ. وَيَكْفِي العَاقِلَ أَقَلُّ مِمَّا بَيَّنَّا وشَرَحْنَا مِنْ مَذَاهِبِكُم، غَيْرَ أَنَّ فِي تَكْرِيرِ البَيَانِ شِفَاءٌ لما فِي الصُّدُور.

وَأما دَعْوَاكَ أَيهَا المعَارِضُ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ مِنَ السَّلَفِ فِي القُرْآنِ قَوْلٌ وَلَا خَوْضٌ، أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٌ, فَسَنَقُصُّ عَلَيْكَ إِنْ شَاءَ الله عَنْهُمْ مَا يُكَذِّبُ دَعْوَاكَ، وَسَنَحْكِيهِ لَكَ عَنْ قَوْمٍ مِنْهُمْ أَعْلَى وَأَعْلَمَ مِمَّنْ حَكَيْتَ عَنْهُمْ مَذْهَبَكَ؛ نَحْوَ المَرِيسِيِّ وَابْنِ الثَّلْجِي، ونُظَرائِهِم.

(١٣١) حَدَّثَنَاه عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ، ثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، ثَنَا مَعْبَدٌ قَالَ عَليٌّ:-وَهُوَ ابْنُ رَاشِدٍ- عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قِيلَ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: القُرْآنُ خَالِقٌ هو، أَوْ مَخْلُوقٌ؟ قَالَ: «لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوق، وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللهِ» (١).

(١٣٢) وَسَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيَّ يَقُولُ: قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: أَدْرَكْتُ، [٤٠/و] أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَنْ دُونَهُمْ مُنْذُ


(١) حسن، أخرجه المصنف كذلك في الرد على الجهمية (١٧٩)، والبخاري في خلق أفعال العباد (٩٥)، وعبد الله بن أحمد في السنة (١٣٤)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٥٤٣)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (٣٩٧)، من طريق معبد بن راشد، به، وإسناده حسن، ومعبد بن راشد؛ قال الحافظ: مقبول. قلت: يعني حيث يتابع، وقد توبع، تابعه سويد بن سعيد كما عند البيهقي في الأسماء والصفات (٥٤٢)، ويحيى بن عبد الحميد الحماني كما عند اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (٤٠٢).

<<  <   >  >>