الأول: أن الحديث معروف ومتداول بين السلف؛ فانظر إلى قول المصنف بعده «وهذا الحديث معروف». وقد ذكرنا قبل ذلك قول الذهبي، وابن تيمية رحمهما الله في قبول الروايات التي تتعلق بصفات الله - جل جلاله - وإن كان إسنادها فيه مقال إذا كان السلف يتداولونها فيما بينهم ويحتجون بها في كتبهم. الثاني: أن لهذه الزيادة شواهد، فقد أخرج النسائي في الكبرى (١٠٧٠٥)، وعبد الله بن أحمد في السنة (١١٩٦)، والحاكم (٢/ ٢٩٨)، من حديث أبي بن كعب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإِنَّهَا مِنْ نَفَسِ الرَّحْمَنِ»، وإسناده إلى أبي بن كعب صحيح، رجاله ثقات، وصححه الحاكم، وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري.
وأخرج البخاري في التاريخ الكبير (٤/ ٧٠)، والبزار (٩/ ١٥٠)، والطبراني في الكبير (٦٣٥٨)، وغيرهم من حديث سلمة بن نفيل السكوني - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «... وَقَالَ وَهُوَ مُوَلٍّ ظَهْرَهُ إِلَى الْيَمَنِ: إِنِّي أَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِنْ هَهُنَا ...». وهذا أيضا إسناده صحيح. قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلم أحدا يرويه بهذه الألفاظ إلا سلمة بن نفيل، وهذا أحسن طريقا يروى في ذلك عن سلمة ورجاله رجال معروفون من أهل الشام مشهورون إلا إبراهيم بن سليمان الأفطس». قلت: وإبراهيم بن سليمان الأفطس نقل المصنف عن دحيم أنه قال: «ثقة ثقة».