للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَسَنَذْكُرُ فِي ذِكْرِ الوَجْهِ آيَاتٍ وَآثَارًا مُسْنَدَةً، لِيَعْرِضَهَا أَهْلُ المَعْرِفَةِ بِالله عَلَى تَفْسِيرِكَ، هَلْ يَحْتَمِلُ شَيْئًا مِنْهَا شَيْءٌ مِنْهُ؟ فَإِنْ كُنْتَ لَا تُؤْمِنُ بِهَا؛ فَخَيْرٌ مِنْكَ وَأَطْيَبُ مِنْ عِبَادِ الله المُؤْمِنِينَ مَنْ قَدْ آمَنَ بِهَا وَأَيْقَنَ.

قَالَ الله تَعَالَى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٢٧)} [الرحمن: ٢٧]، و {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨]، وَقَوْلُهُ: {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (٢٠)} [الليل: ٢٠]، {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥]، {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} [الإنسان: ٩].

فَالخَيْبَةُ لِمَنْ كَفَرَ بِهَذِهِ الآيَاتِ كُلِّهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَجْهِ الله نَفْسِهِ، وَأَنَّهَا وُجُوهٌ مَخْلُوقَةٌ.

وَمِمَّا يُوَافِقُهُ مِنْ صِحَاحِ أَحَادِيثِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -

(١٦٨) مَا حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أبي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ:

«إِنَّ الله لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ، وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ من خلقه» (١).

أَفَيَسْتَقِيمُ أَيُّهَا المُعَارِضُ أَنْ يُتَأوَّلَ هَذَا: أَنَّهُ أَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ


(١) صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، وأخرجه مسلم (١٧٩)، وابن ماجه (١٩٥، ١٩٦)، وأحمد (١٩٥٨٧، ١٩٦٣٢)، والمصنف في الرد على الجهمية (٤٧)، وابن حبان (٢٦٦)، وأبو يعلى (٧٢٦٢)، والطيالسي (٤٩٣)، وغيرهم، من طرق عن عمرو بن مرة، به. وفي بعض طرقه «حجابه النار».

<<  <   >  >>