للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤)} [النازعات: ٢٤]؛ لِمَا أَنَّ الله مُدَبِّرٌ فِي صُورَتِهِ بِزَعْمِكَ، وَهَذَا أَبْطَلُ بَاطِلٍ، لَا يَنْجَعُ إِلَّا فِي أَجْهَلِ جَاهِلٍ.

وَيْلَكَ! إِنَّ تَأْوِيلَ هَذَا الحَدِيثِ عَلَى غَيْرِ مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ؛ لِمَا أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي حَدِيث أَبِي ذَرٍّ «أَنَّهُ لَمْ يَرَ رَبَّهُ» (١)، وَقَالَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا» (٢)، وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رضي الله عنها -: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى الله الفِرْيَةَ»، وَأَجْمَعَ المُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ قَوْلِ الله تَعَالَى: [٥٤/و] ... {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: ١٠٣] يَعْنُونَ أَبْصَارَ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا هَذِهِ الرُّؤْيَةُ كَانَتْ فِي المَنَامِ، وَفِي المَنَام يُمْكِنُ رُؤْيَة الله تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَال وَفِي كل صُورَة.

رَوَى مُعَاذُ بْنُ جَبِلٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «صَلَّيْتُ مَا شَاءَ الله مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ وَضَعْتُ جَنْبِي، فَأَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ» (٣).

فَحِينَ وُجِدَ هَذَا لِمُعَاذٍ كَذَلِكَ صُرِفَتِ الرِّوَايَاتُ الَّتِي فِيهَا إِلَى مَا قَالَ


(١) تقدم تخريجه برقم (٧٤).
(٢) أخرجه أحمد (٢٢٨٦٤)، والمصنف في الرد على الجهمية (٨٩)، والنسائي في الكبرى (٧٧١٦)، والطبراني في الشاميين (١١٥٧)، والبزار (٢٦٨١)، وأبو نعيم في الحلية (٥/ ١٥٧، ٢٢١)، وغيرهم، من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -، وسنده حسن. وأخرجه البخاري (٣٣٣٧، ٧١٢٧)، ومسلم (٢٩٣١)، وأبو داود (٤٧٥٩)، والترمذي (٢٢٣٥)، وأحمد (٦٣٦٥)، والمصنف في الرد على الجهمية (٩٤)، وغيرهم، من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - وفيه «لن يرى أحدكم ربه حتى يموت».
(٣) أخرجه الترمذي (٣٢٣٥)، وأحمد (٢٢١٠٩)، وابن خزيمة في التوحيد (٢/ ٥٤٠)، والحاكم (١/ ٧٠٢)، وغيرهم. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال: سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث؟ فقال: هذا حديث حسن صحيح.
وقد مضى الكلام عليه قبل قليل.

<<  <   >  >>