للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العُلَمَاءِ، أنَّ ضَحِكَ الرَّبِّ رِضَاهُ وَرَحْمَتُهُ؟ فسمِّه وَإِلَّا فَأَنْتَ المحرِّف قَوْلَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بِتَأْوِيلِ ضَلَالٍ؛ إِذْ شَبَّهْتَ ضَحِكَ اللهِ الحَيِّ القَيُّومِ الفَعَّالِ لِمَا يَشَاءُ ذِي الوَجْهِ الكَرِيمِ، وَالسَّمْعِ السَّمِيع والبَصَرِ البَصِيرِ، بِضَحِكِ الزَّرْعِ المَيِّتِ الَّذِي لَا ضَحِكَ لَهُ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الضَّحِكِ، وَإِنَّمَا ضَحِكُهُ يُمَثَّلُ، وَضَحِكُ اللهِ لَيْسَ يُمَثَّلُ.

وَيْحَكَ! إِنَّ ضَحِكَ الزَّرعِ نَضَارَتُهُ، وَزَهْوتُهُ، وَخُضْرَتُهُ، فَهُوَ أَبَدًا مَا دَامَ أَخْضَرُ ضَاحِكٌ لِكُلِّ أَحَدٍ لِلْوَلِيِّ وَالعَدُوِّ وَلِمَنْ يَسْقِيهِ، وَلِمَنْ يَحْصُدُهُ، لَا يَقْصِدُ بِضَحِكِهِ إِلَى شَيْءٍ، (١) واللهُ يَقْصِدُ بِضَحِكِهِ إِلَى أَوْلِيَائِهِ؛ عِنْدَمَا يُعْجِبُهُ فِعَالُهُمْ، وَيَصْرِفُهُ عَنْ أَعْدَائِهِ فِيمَا يُسْخِطُهُ مِنْ أَفْعَالِهِم.

فَالدَّلِيلُ مِنْ فِعْلِ الله أَنَّهُ يَضْحَكُ إِلَى قَوْمٍ، وَيَصْرِفُهُ عَنْ قَوْمٍ، أنَّ ضَحِكَ الزَّرْعِ مَثَلٌ عَلَى المَجَازِ، وَضَحِكَ اللهِ أَصْلٌ، وَحَقِيقَةٌ لِلضَّحِكِ، يَضْحَكُ كَمَا يَشَاءُ، وَالزَّرْعُ أَبَدًا نَضَارَتُهُ وَخُضْرَتُهُ الَّتِي سَمَّيْتَهُ ضَحِكًا قَائِمٌ أَبَدًا حَتَّى يُسْتَحْصَدَ.

وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ ضَحِكَهُ رِضَاهُ وَرَحْمَتُهُ، فَقَدْ صَدَقْتَ فِي بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضْحَكُ إِلَى أَحَدٍ إِلَّا عَن رِضَا فَيَجْتَمِعُ مِنْهُ الضَّحِكُ وَالرِّضَا.

وَلَا يَصْرِفُهُ إِلَّا عَنْ عَدُوٍّ، وَأَنْتَ تَنْفِي الضَّحِكَ عَنِ الله، وَتُثْبِتُ لَهُ الرِّضَا وَحْدَهُ، وَلَئِنْ جَزَعْتَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الضَّحِكِ حَتَّى نَفَيْتَهُ عَنِ اللهِ بِمَعْنى ضَحِكِ الزَّرْع؛ مَالَكَ مِنْ رَاحَةٍ فِيمَا رَوَى عَنْهُ ابْنَ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - مِمَّا يُكَذِّبُ دَعْوَاكَ، وَيَسْتَحِيلُ بِهِ تَفْسِيرُكَ.


(١) زاد هنا في الأصل «وَالله يَقْصِدُ بِضَحِكِهِ إلى شَيء»، ولعله انتقال نظر من الناسخ.

<<  <   >  >>