للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِسْخَاطِ العِبَادِ إِيَّاهُ، فَقَالَ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} [محمد: ٢٨]، وَقَالَ: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ} [الفتح: ٦].

ثُمَّ ذَكَرَ إِغْضَابَ الخَلْقِ إِيَّاهُ، فَقَالَ تَعَالَى: [٦٥/و] {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: ٥٥] يَقُولُ: أَغْضَبُونَا، فَذَكَرَ أَنَّهُ يَغْضَبُ ويُغْضِبُ. وَقَالَ تَعَالَى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة: ١٠٠]، {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} [التوبة: ٤٦].

فَهَذَا النَّاطِقُ مِنْ كِتَابِ الله يُسْتَغْنَى فِيهِ بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ عَنِ التَّفْسِيرِ، وَتَعْرِفُهُ العَامَّةُ وَالخَاصَّةُ، غَيْرَ هَؤُلَاءِ المُلْحِدِينَ فِي آيَاتِ الله الَّذِينَ غَالَطُوا فِيهَا الضُّعَفَاءَ.

فَقَالُوا: نُقِرُّ بِهَا كُلِّهَا؛ لِأَنَّهَا مَذْكُورَةٌ فِي القُرْآنِ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهَا، غَيْرَ أنَّا لَا نَقُولُ: يُحِبُّ وَيَرْضَى، وَيَغْضَبُ وَيَسْخَطُ، وَيَكْرَهُ فِي نَفْسِهِ، وَلَا هَذِهِ الصِّفَاتُ مِنْ ذَاتِهِ عَلَى اخْتِلَافِ مَعَانِيهَا؛ وَلَكِنْ تَفْسِيرُ حُبِّهِ وَرِضَاهُ -بِزَعْمِهِمْ-: مَا يُصِيبُ النَّاسَ مِنَ العَافِيَةِ، وَالسَّلَامَةِ، وَالخِصْبِ، وَالدَّعَةِ، وَغَضَبُهُ وَسَخَطُهُ ... -بِزَعْمِهِمْ-: مَا يَقَعُونَ فِيهِ مِنَ البَلَاءِ، وَالهَلَكَةِ، وَالضِّيقِ وَالشِّدَّةِ.

فَإِنَّمَا آيَةُ غَضَبِهِ وَرِضَاهُ وَسَخَطِهِ -عِنْدَهُمْ-: مَا يَتَقَلَّبُ فِيهِ النَّاسُ مِنْ هَذِهِ الحَالَاتِ وَمَا أَشْبَهَهَا، لَا أَنَّ اللهَ يُحِبُ وَيَبْغَضُ ويَرْضَى وَيَسْخَطُ حَالًا بَعْدَ حَالٍ فِي نَفْسِهِ.

فَيُقَالُ لِهَؤُلَاءِ المُلْحِدِينَ فِي آيَاتِ الله تَعَالَى المُكَذِّبِينَ بِصِفَاتِ الله: مَا رَأَيْنَا دَعْوَى أَبْطَلَ وَلَا أَبْعَدَ مِنْ صَحِيحِ لُغَاتِ العَرَبِ وَالعَجَمِ مِنْ دَعْوَاكُمْ هَذِهِ، فَفِي دَعْوَاكُمْ: إِذَا كَانَ أَوْلِيَاءُ اللهِ المُؤْمِنُينَ مِنْ رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَسَائِرِ أَوْلِيَائِهِ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ وَعِوَزٍ مِنَ المَأْكَلِ وَالمَشْرَبِ، وَفِي خَوْفٍ وَبَلَاءٍ، كَانُوا -فِي دَعْوَاكُمْ- فِي سَخَطٍ مِنَ الله وَغَضَبٍ وعِقَاب، وإذَا كَانَ الكَافِرُ فِي خِصْبٍ وَدَعَةٍ وَأَمْنٍ

<<  <   >  >>