قلت: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (٨/ ٢١) -تحت عنوان فصل في قدرة الرب عز وجل- وقد ذكر أن القدرة هي قدرته على الفعل، والفعل نوعان: لازم، ومتعد، وقد انقسم الناس في هذين النوعين ثلاثة أقوال فذكر منها اثنان ثم قال:
«القول الثالث إثبات الفعلين: اللازم والمتعدي كما دل عليه القرآن فنقول: إنه كما أخبر عن نفسه: أنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش وهو قول السلف وأئمة السنة وهو قول من يقول: إنه تقوم به الصفات الاختيارية - كأصحاب أبي معاذ وزهير البابي وداود بن علي؛ والكرَّامية وغيرهم من الطوائف وإن كانت الكرامية يقولون بأن النزول والإتيان أفعال تقوم به - وهؤلاء يقولون: يقدر على أن يأتي ويجيء وينزل ويستوي ونحو ذلك من الأفعال كما أخبر عن نفسه وهذا هو الكمال. وقد صرح أئمة هذا القول بأنه «يتحرك» كما ذكر ذلك حرب الكرماني عن أهل السنة والجماعة وسمى منهم: أحمد بن حنبل؛ وسعيد بن منصور وإسحاق بن إبراهيم وغيرهم. وكذلك ذكره عثمان بن سعيد الدارمي عن أهل السنة وجعل نفي الحركة عن الله عز وجل من أقوال الجهمية التي أنكرها السلف وقال: كل حي متحرك وما لا يتحرك فليس بحي وقال بعضهم: إذا قال لك الجهمي: أنا كافر برب يتحرك. فقل: أنا مؤمن برب يفعل ما يشاء. وهؤلاء يقولون من جعل هذه الأفعال غير ممكنة ولا مقدورة له فقد جعله دون الجماد فإن الجماد وإن كان لا يتحرك بنفسه فهو يقبل الحركة في الجملة. وهؤلاء يقولون: إنه تعالى لا يقبل ذلك بوجه ولا تمكنه الحركة، والحركة والفعل صفة كمال؛ كالعلم والقدرة = ... = والإرادة. فالذين ينفون تلك الصفات سلبوه صفات الكمال ... إلخ».