للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والعباد فاعلون حقيقة والله خالق أفعالهم، والعبد هو المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والمصلي والصائم. وللعباد القدرة على أعمالهم ولهم إرادة (١)

والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم كما قال الله تعالى: (لمن شاء منكم أن يستقيم، وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين).

وهذه الدرجة من القدر يكذب بها عامة القدرية الذين سماهم النبي صلى الله عليه وسلم مجوس هذه الأمة ويغلو فيها قوم من أهل الإثبات (٢) حتى سلبوا العبد قدرته واختياره ويخرجون عن أفعال الله وأحكامه حكمها ومصالحها.

[الإيمان قول وعمل يزيد وينقص]

ومن أصول أهل السنة والجماعة أن الدين والإيمان قول وعمل: قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح.

وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وهم مع ذلك لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر كما يفعله الخوارج بل الأخوة الإيمانية ثابتة مع المعاصي كما قال سبحانه في آية القصاص: (فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف) وقال: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي


(١) أي فليس بمجبر على أعماله لأنه يعملها بإرادته واختياره فيثاب على الطاعة ويستحق العقاب على المعصية وما أحسن قول ابن عدوان ناظم هذه العقيدة حيث قال:
وللعبد يا ذا قدرة وإرادة ... على العمل افهم فهم غير مبلد
فيفعل يا ذا باختيار وقدرة ... وليس بمجبور ولا بمضهد
(٢) أي لأنهم أثبتوا خالقا لما اعتقدوه شراً غير الله. قال في التدمرية إن من الناس من جعل بعض الموجودات خلقا لغير الله كالقدرية وغيرهم، لكن هؤلاء يقرون بأن الله خالق العباد وخالق قدرتهم، وإن قالوا إنهم خلقوا أفعالهم، وقال في النونية:
فالناس كلهم أقروا أنه ... هو وحده الخلاق ليس اثنان
إلا المجوس فإنهم قالوا بأن ... الشر خالقه إله ثان

<<  <   >  >>