للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- صلى الله عليه وسلم -، ويميز الصَّحيح من الضَّعيف، ليعبد الله عزَّ وجلَّ علي بصيرةٍ؛ وحتى لا يُحَدِّث بحديثٍ إلا وهو ثَابتٌ عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يُحَدِّث بِكُلِّ ما يسمع، فإن ذلك قد يوقعه في الوعيد الذي ورد في صحيح مُسْلِمٍ: عَنِ الْمُغِيرَة بْنِ شُعْبَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ قَالَ: رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ» (١).

فلا مِرْيَة أنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ هُم الرِّجال الذين نَدَبُوا أنفسهم للقيام بحق حديث رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والدِّفاع عنه، قال سُفْيَانُ الثَّوْريّ: "الْمَلائِكَةُ حُرَّاسُ السَّمَاءِ، وَأَصْحَابُ الحَدِيثِ حُرَّاسُ الأَرْض" (٢)، فقاموا بتأصيل علم الحديث، وتفريع فروعه، وكتبوا تلك القواعد والأصول في مُصَنَّفَات، ونَظَمُوا لها الْمَنْظُومَات فكان من أشهر تلك الْمَنْظُومات في علوم الحديث قصيدة غرامي صحيح في ألقاب الحديث لشهاب الدين أحمد بن فرج الأشْبِيليّ (ت: ٦٩٩ هـ)، وألفية العراقي المسماة بـ: التَّبصرة والتَّذكرة في علوم الحديث، لأبي الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين (ت: ٨٠٦ هـ)، وكذا ألفية الحديث، لعبد الرَّحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (ت: ٩١١ هـ)، وغيرها من الْمَنْظُومات في علم الحديث.

وكان من أهم تلك الْمَنْظُومات المَنْظُومَة البَيْقُونِيَّة، لعمر - أو طه - بن محمد بن فتوح البَيْقُونِي الدِّمَشْقِيّ، كان حيًا سنة ١٠٨٠ هـ، وتَبرُز أهميتها في مُنَاسَبَتِها للمبتدئين من طلاب العلم، فهي منظومة من بحر الرجز تقع في (٣٤)


(١) أخرجه مسلم في صحيحه، المقدمة، بَابُ وُجُوبِ الرِّوَايَةِ عَنِ الثِّقَاتِ، طبعة دار إحياء التراث، بيروت، ق: محمد فؤاد عبد الباقي، (١/ ٨).
(٢) شرف أصحاب الحديث، أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت: ٤٦٣ هـ)، دار إحياء السنة النَّبوية، أنقرة (ص ٤٤).

<<  <   >  >>