هو إذن كما ذكرت لك في سنة وعضة، فإن قلت: إني وإن لم أجده في موضع، لم يمتنع أن أحمله عليه لأني لا أجد العوض والمعوض فيه يجتمعان. فهو مذهبه. ومما يجيزه النحويون في إضطرار الشعر، قطع همزة الوصل في الدرج، ووجه ذلك أن الوصل يجري مجرى الوقف، كما أجرى الوصل مجرى الوقف في (سيسبا) و (عهيلّ) وأمثل ذلك أن تكون في نصف البيت كقول الشاعر:
٤٦ - أو مذهب جدد على الواحة
الناطق المبروز والمختوم
وفي هذا ضرب آخر من الضرورة، وهو قولهم: المبروز. والمراد: المبروز به، فحذف، وحكم الضمير المنصوب إذا إتصل بإسم الفاعل الداخلة عليه الألف واللام على معنى الذي أن لا يستحسن حذفه من الفعل في صلة (الذي) قال أبو عثمان: فإن حذف الضمير من إسم الفاعل كان قبيحًا، وهو جائز في القياس، ولا يكاد ذلك يوجد في كلام، ولا شعر. فإذا لم يحسن حذف الضمير المتصل من إسم الفاعل مع حسن حذفه من صلة الذي، فإن لا يحسن حذف الضمير المتوصل بالجار المنفصل من إسم الفاعل مع إسم الفاعل، أجدر إذ كان حذف ذلك من صلة الذي غير مجوز. ألا ترى أن من قال: الذي ضربت أخوك، لم يقل الذي مررت زيد، وهو يريد به. كما لا تقول: الذي ضربت عمرو وهو يريد: ضربت أخاه. لإجتماع الضمير في الموضعين في الإنفصال عن الفعل، فإذا كان كذلك، علمت أن هذا الحذف في هذا البيت قبيح، ولا يستقيم إلا على هذا التقدير.
ألا ترى أنك تقول: برز زيد، وأبرزته، وبرزت به. وعلى هذا قال: